للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلحقَهُ عقوبات كثيرة منها: ما فاتَهُ من ثوابِ المحسنينِ، فإن اللَّه تعالى وإن عفا عن المذنبِ فلا يجعلْه كالذينَ آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ، كما قال تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١) .

وقال: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) .

ولهذا قالَ بعضُ السلفِ: عُدَّ أن المسيءَ قد عُفِيَ عنه.

أليسَ قد فاتَهُ ثوابُ المحسنينَ؟

ولولا أنَّ اللَّه تعالى رضَّى أهلَ الجنةِ كلَّهم بما حصلَ لهم من

المنازلِ لتقطعتْ أصحابَ اليمينَ حسرات مما فاتَهُم من منازلِ المقربينَ مع

إمكانَ مشاركتِهِم لهم في أعمالِهِم التي نالُوا بها منازلَهُم العاليةَ، وقد جاء في

الأحاديثِ والآثارِ أنهم يقولون: ألم نكن مع هؤلاءِ في الدنيا؟

فيقالُ: كنتُم تفطرونَ، وكانوا يصومونَ، وكنتُم تنامونَ، وكانوا يقومون، وكنتم تبخلون، وكانوا ينفقون، ونحوُ ذلك.

وكذلكَ جاءَ: "أنَّ الرجلَ من أهلِ عليين ليخرجُ فيسيرُ في ملكِهِ فما تبقى خيمة من خيمِ الجنةِ إلا دخلَها من ضوءِ وجهه، فيستبشرونَ بريحه فيقولونَ: واهًا لهذه الريح، هذا رجل من أهلِ عليينَ قدْ خرجَ يسيرُ في ملكِه ".

هذا قد رُوي من حديثِ ابنِ مسعودٍ مرفوعًا، ورُويَ من كلامِ كعبٍ.

ومنها: ما يلحقُهُ من الخجلِ والحياءِ منَ اللَّهِ عزَ وجلَّ عند عرضِهِ عليه.

وتقريره بأعمالِهِ، وربما كان ذلك أصعبُ عليه من دخولِ النارِ ابتداءً، وقد

أخبرَ بذلكَ بعضُ المحتضرينَ في زمانِ السلفِ عند احتضاره وكان أُغميَ عليه

حتَى ظُنَّ أنه مات، ثم أفاقَ فأخبرَ بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>