للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبح إلى قريبِ طلوع الشمسِ، وإنَّما كانتْ عادتُهُ التغليسَ بها، وكان

أحيانًا يُسْفرُ بها عند انتشارِ الضوءِ على وجهِ الأرض، وأما تأخيرُها إلى قريبِ

طلوع الشمسِ فلم يكنْ مِنْ عادتِهِ، ولهذا اعتذرَ لهم عَنْهُ في هذا الحديث.

وقد قيل: إن تأخيرَها إلى هذا الإسْفارِ الفاحشِ لا يجوزُ لغيرِ عذرٍ، وأنَّه

وقتُ ضرورةٍ، كتأخير العصر إلى بعد اصفرار الشمسِ وهو قولُ القاضي من

أصحابِنا في بعضِ كتبه، وقد أوَمأ إليه الإمامُ أحمدُ وقال: هذهِ صلاةُ مفرط.

إنَّما الإسْفارُ أن ينتشرَ الضوءُ على الأرضِ.

وفي الحديثِ دلالةٌ على أنَّ من أخرَ الصلاةَ إلى آخر الوقتِ لعذرٍ أو غيره

وخافَ خروجَ الوقتِ في الصلاةِ إنْ طَوَّلها أنْ يخففها حتَّى يُدْركها كُلَّها في

الوقتِ.

وأمَّا قولُ أبي بكر الصدِّيق - رضي الله عنه - لمَّا طوَّل في صلاةِ الفجرِ وقرأ بالبقرةِ فقيل له: كادت الشمسُ أنْ تطلعَ، فقال: لو طلعتْ لم تجدْنَا غافلين، فإن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يتعمَّدِ التأخيرَ إلى طلوع الشمسِ ولا أنْ يمدَّها ويُطيلها حتَّى تطلعَ الشمسُ؛ لأنه دخلَ فيها بغلسٍ، وأطالَ القراءةَ، وربما كان قد استغرقَ في تلاوتِهِ، فلو طلعتِ الشمسُ حينئذٍ لم يضرَّه، لأنه لم يكنْ متعمدًا لذلك.

وهذا يدلُّ على أنَّه كان يرى صحةَ الصلاةِ لمن طلعتْ عليه الشمس وهو في صلاتِهِ كما أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منْ طلعت عليه الشمسُ وقد صلَّى ركعة من الفجرِ أنْ يُضيفَ إليها أُخرى.

وفي حديثِ معاذ دليل على أنَّ من رأى رُؤيا تَسُرُه فإنه يقَصُهُّا على

أصحابِهِ وإخوانه المُحبينَ له، ولا سِيَّما إنْ تضمنتْ رُؤياه بشارةً لهم وتعليمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>