للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشيرونَ إلى عظماءِ مكةَ والطائفِ كعتبةَ بنِ ربيعةَ وأخيهِ شيبةَ ونحوهما من

صناديد قريشٍ وثقيفٍ ذوي الأموالِ والشرفِ فيهم ممن كانَ أكثرَ مالاً من

محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وأعظمَ رياسةً عندهُم.

وردَّ عليهم سبحانهُ بأنهُ يقسِّم رحمتَهُ كما يشاءُ وأنه كما رفَع درجاتِ بعضهم على بعضٍ في الدنيا، فكذلكَ يرفَعُها في الآخرة بالنبوةِ والعلم والإيمانِ خيرٌ مما يجمعونَهُ من الأموالِ التي تَفْنَى، فهو يخصّ بهذه الرحمةِ الدينيةِ من يشاءُ ويرفعُهُ على أهلِ النعم الدنيويةِ وقد خصَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بما لم يشركهُ فيه غيرهُ من هذه النعم كما قالَ تعالَى له:

(وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) .

وكانَ عليٌّ بنُ الحسينِ يجلسُ في مجلسِ زيدِ بنِ أسلمَ فيعاتَبُ على ذلكَ

فيقولُ: إنما يجلسُ المرء حيثُ يكونُ له فيه نفعٌ، أو كما قالَ يشيرُ إلى أنَّه

ينتفعُ بسماع ما يسمعُهُ من العلم والحكمةِ، وزيدُ بنُ أسلمَ أبوه مولى لعمرَ.

وعلي بنُ الحسينِ سيدُ بني هاشم وشريفِهم.

ولما اجتمع الزهريُّ وأبو حازمٍ الزاهدُ بالمدينةِ عند بعضِ بني أميةَ - لما

حجَّ - وسمعَ الزهريُّ كلامَ أبي حازمٍ وحكمتهُ أعجبهُ ذلكَ، وقالَ: هو جارِي منذُ كذا وكَذا وما جالسْتُهُ ولا عرفتُ أن هذا عندَهُ، فقالَ له أبو حازم: أجلْ إنَي من المساكينِ ولو كنتُ من الأغنياءِ لعرفتني، فوبخهُ بذلكَ، وفي رواية عنه أنه قالَ له: لو أحببتَ اللَّهَ أحببتني ولكنَّكَ نسيتَ اللَّهَ فنسيتني، يشيرُ إلى أنَّ من أحبَّ اللَّهَ تعالى أحبَّ المساكينَ من أهلِ العلم والحكمةِ لأجلِ محبتهِ للهِ تعالى ومن غفلَ عن اللَّهِ تعالَى غفلَ عن أوليائه من المساكينِ فلمْ يرفعْ لهم رأسًا، ولم ينتفعْ بما اختصَّهمُ اللَّهُ عز وجل بهِ من الحكمةِ والعلومِ النَّافعِةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>