للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي لا توجدُ عند غيرِهم من أهلِ الدُّنيا.

وقد كانَ علماءُ السلفِ يأخذونَ العلمَ عن أهلِهِ والغالبِ عليهمُ المسكنةُ

وعدمُ المال والرفعةِ في الدنيا ويَدَعُونَ أهلَ الرياسات والولاياتِ فلا يأخذونَ

عنهم ما عندهُم من العلم بالكليةِ.

ومنها: أنَّه يوجبُ صلاحَ القلبِ وخشوعِهِ، وفي "المسندِ" عن أبي هريرةَ

أن رجلاً شكى إلى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قسوةَ قلبهِ فقال له: "إن أحببتَ أن يلينَ قلبُكَ فأطعِم المسكينَ وامْسحْ رأس اليتيم ".

ومنها: أن مجالسةَ المساكينِ توجبُ رضى من يجالسُهُم برزقِ اللَّهِ عز وجل

وتعظمُ عنده نعمةُ اللَّهِ عز وجل عليهِ بنظرهِ في الدنيا إلى من دونَه، ومجالسةُ

الأغنياءِ توجبُ التسخطَ بالرزقِ ومدَّ العينِ إلى زينتهم وما هم فيه، وقد نهى

اللَّهُ عز وجل نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - ّ عن ذلكَ فقال تعالَى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١) .

وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

"انظرُوا إلى من دونكمُ ولا تنظُروا إلى منْ فوقَكم فإنَّه أجدر أن لا تزدرُوا

نعمةَ اللَّهِ عليكم "

قال أبو ذرٍّ - رضي الله عنه -:

"أوصانِي رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن أنظر إلى من

دوني ولا أنظرَ إلى من فوقِي وأوصانِي أن أحبَّ المساكينَ وأن أدنوَ منهم ".

وكان عونُ بنُ عبدِ اللَّهِ بن عتبةَ بنِ مسعودٍ يجالسُ الأغنياءَ فلا يزال في

غمٍّ، لأنَه لا يزال يَرى من هو أحسنُ منه لباسًا ومركبًا ومسكنًا وطعامًا.

فتركَهُم وجالسَ المساكينَ فاستراحَ من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>