للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ إن المؤمنَ لابدَّ أنْ يفتنَ بشي من الفتن - المؤلمةِ الشاقةِ عليه ليمُتحنَ

إيمانهُ، كما قالَ اللَّهُ تعالى: (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣) .

ولكنَّ اللَّهَ يلطُفُ بعباده المؤمنينَ في هذهِ الفتن ويصبرُهُم عليها، ويثيبُهُم

فيها، ولا يلقيهم في فتنةٍ مهلكةٍ مضلةٍ تذهبُ بدينِهم، بل تمرّ عليهِم الفتنُ

وهم منها في عافية.

وأخرجَ ابنُ أبي الدنيا من حديثِ ابنِ عمرَ مرفوعا

" إنَّ للهِ ضنائنُ منْ عبادِهِ يغذُوهُم في رحمتِهِ ويحييهم في عافيةٍ ويتوفاهُم إلي جنتهِ أولئكَ الذينَ تمرّ عليهِم الفتنُ كقطع الليل المظلم، وهم منهَا في عافية" والفتن الصغارُ التي يُبْتَلى بها المرءُ في أهلهِ ومالِهِ وولدِهِ وجاره تكفِّرُها الطًاعاتُ من الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ، لذا جاءَ في حديثِ حذيفةَ.

ورُويَ عنهُ أنَّه سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

إن في لساني ذرباً وإنَّ عامةَ ذلكَ على أهلي؟

فقالَ لهُ: " أينَ أنتَ منَ الاستغفارِ؟ ".

وأما الفتنُ المضلةُ التي يُخشَى منها فسادُ الدينِ فهيَ التي يُستعاذُ مِنْهَا

ويسألُ الموتُ قبلَهَا، فمنْ ماتَ قبلَ وقوعِهِ في شيء من هذهِ الفتن فقدْ حفظَهُ

اللَّهُ تعالَى وحماهُ.

وفي "المسندِ" عن محمودِ بن لبيدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

"اثنتان يكرَهُهُمَا ابنُ آدمَ: يكرهُ الموتَ، والموتُ خيرٌ للمؤمنِ من الفتنِ، ويكرهُ قلةَ المالِ، وقلة المالِ أقلُّ للحسابِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>