للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: "واللَّهِ ما الفقرُ أخشَى عليكم، ولكنْ أخشَى أن تبسطَ عليكُم الدُّنيا كما بسطَتْ على من كانَ قبلَكم، فتنافسوها كما تنافسوهَا فتهلكهمُ كما أهلكتهُم ".

وفي "صحيح مسلم " عنه - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

"اتَّقوا النساءَ فإنَّ أولَ فتنةَ بني إسرائيلَ

كانتْ في النساء" وفي الترمذي أنه - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

"لكلِّ أمةٍ فتنةٌ، وفتنةُ أمَّتي المالُ "

وقد قالَ اللًّهُ عز وجل:

(وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُون وَكانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) .

فالرجلُ فتنة للمرأةِ، والمرأةُ فتنة للرجلِ، والغني فتنة للفقير، والفقيرُ فتنة

للغنيِّ، والفاجرُ فتنة للبرِّ، والبرُّ فتنة للفاجرِ، والكافرُ فتنة للمؤمنِ، والمؤمنُ

فتنة للكافرِ، كما قالَ اللَّهُ تعاليَ: (وَكذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ ليَقُولُوا أهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشاكِرِينَ) .

وقالَ عز وجل: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّر وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) .

فجعلَ كلَّ ما يصيبُ الإنسانَ من شر أو خيرٍ فتنةً يعني أنهُ محنة يمتحنُ بها

فإنْ أصيبَ بخير استحقَّ به شكرَه، وإن أصيبَ بسوءٍ استحقَّ به صبره، وفتنةُ

السراءِ أشدُّ من فتنةِ الضراءِ.

قالَ عبدُ الرحمنِ بن عوفٍ - رضي الله عنه -

بُلينا بفتنةِ الضراءِ فصبرْنَا، وبُلينا بفتنةِ السراءِ فلم نصبرْ.

قالَ بعضُهُم: فتنةُ الضراءِ يصبرُ عليها البر والفاجرُ ولا يصبرُ على فتنةِ السراءِ إلاَّ صدِّيقٌ.

ولما ابتليَ الإمامُ أحمدُ بفتنةِ الضراءِ صبرَ ولم يجزعْ وقالَ: كانتْ زيادةً في

إيماني، فلما ابتلي بفتنةِ السراءِ جزعَ وتَمَنَّى الموتَ صباحة ومساءً وخَشيَ أنْ

يكونَ نقصًا في دينهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>