وعن يحيى بنِ أبي كثيرٍ، قالَ: ركبَ رجل الحمارَ، فعثرَ بهِ، فقال: تعسَ
الحمارُ، فقالَ صاحبُ اليمينِ: ما هيَ حسنة أكتُبُها، وقال صاحبُ الشمالِ: ما هي سيئة فأكتبها، فأوحَى اللَّه إلى صاحبِ الشمالِ: ما تركَ صاحبُ اليمينِ من شيء، فاكتبهُ، فأثبتَ في السيئاتِ "تَعِسَ الحمارُ".
وظاهرُ هذا أنَّ ما ليسَ بحسنةٍ، فهو سيئة، وإن كانَ لا يُعاقبُ عليها، فإنَّ
بعضَ السيئاتِ قد لا يُعاقبُ عليهَا، وقد تقعُ مكفَّرةً باجتنابِ الكبائرِ، ولكنَّ
زمانَها قد خسرهُ صاحبُها حيثُ ذهبتْ باطلاً فيحصلُ له بذلكَ حسرةٌ في
القيامةِ وأسفٌ عليه وهو نوعُ عقوبةٍ.
* * *
وروى عليٌّ بنُ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ في قولهِ عز وجلْ (مَا يَلْفِط
مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، قال: يُكتبُ كلُّ ما تكلَّم به من خيرٍ
وشرٍّ، حتَّى إنَّه ليُكتبُ قولُه: أكلتُ، وشربتُ، وذهبتُ، وجئتُ، ورأيتُ، حتَّى إذا كانَ يومُ الخميسِ عُرضَ قولُه وعملُه فأقِرُّ منه ما كانَ فيهِ من خيرٍ أو شرٍّ