قال: والله إني لأعجز عن ذلك. فثرد الرّقيق. ثمّ قال: قم الآن فكل. فقال: والله لقد استحييت من كثرة خلافي عليك، ولولا ذلك ما فعلت.
قال يونس: أتيت ابن سيرين فدعوت الجارية، فسمعته يقول: قولي إنّه نائم.
فقلت: معي خبيص. فقال: مكانك حتى أخرج إليك.
قال أردشير: احذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه جابر بن عبد الله: هلاك الرّجل أن يحتقر ما في بيته أن يقدّمه إلى ضيفه، وهلاك الضيف أن يحتقر ما قدّم إليه.
وقال الشاعر:
يا ذاهبا في داره جائيا ... بغير معنى وبلا فائده
قد جنّ أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائده
وقال ابن بدر:
ونحن نبذل عند القحط ما أكلوا ... من السّديف إذا لم يؤنس القزع
وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنّازلين إذا ما استنزلوا شبعوا
وقال آخر:
أطعمني بيضة وناولني ... من بعد ما ذقت فقده قدحا
وقال أيّ الأصوات تسئلني؟ ... يزيد، إنّي أراك مقترحا
فقلت صوت المقلى وجردقة ... إن خاب ذا الاقتراح أو صلحا
فقطّب الوجه وانثنى غضبا ... وكان سكران طافحا فصحا
فقلت: إنّي مزحت، قال: كذا ... رأيت حرّا بمثل ذا مزحا؟
قال ابن حبيب: كان الرّجل إذا اشتدّ عليه الشّتاء تنحّى ونزل وحده لئلا ينزل به ضيف فيكون صقعا مستحبّا.
وهذا ضدّ قول زهير:
بسط البيوت لكي تكون مطيّة ... من حيث توضع جفنة استرفد
فإذا كان الشّتاء انحاز الناس من الجدب والجهد، وإذا أخصبوا أغاروا للثّأر لا للسّؤال.
وقال الشاعر في عبيد الله بن عبّاس:
ففي السنة الجدباء أطعمت حامضا ... وحلوا وشحما تامكا وسناما
وقال مجاهد في قول الله عزّ وجلّ: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
[يوسف: ٣١] ، أي طعاما، يقال: اتّكأنا عند فلان، أي طعمنا.