للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنّسل، وفضيحة الولد والأهل. فسكّن المشايخ منهم، وطيّبوا أنفسهم، وقوّوا منّتهم ووعدوهم أن يرتئوا فيه متّفقين، ويجتمعوا عليه مجتهدين، ويستخيروا الله ضارعين، وانصرف الناس عنهم.

واجتمع القوم: أبو تمّام الزينبيّ، ومحمد بن صالح بن شيبان، وابن معروف القاضي، وابن غسّان القاضي، وابن مكرّم- وكان من كبار الشّهود في سوق يحيى- وابن أيّوب القطّان العدل وأبو بكر الرازيّ الفقيه، وعليّ بن عيسى والعوّاميّ صاحب الزبيريّ، وابن رباط شيخ الكرخ، ونائب الشّيعة ولسان الجماعة، وابن آدم التاجر، والشّالوسيّ أبو محمد، وغيرهم ممن يطول ذكرهم، وتشاوروا وتفاوضوا، وقلّبوا الأمر، وشعّبوا القول، وصوّبوا وصعّدوا، وقرّبوا وبعّدوا والتأمّ لهم من ذلك أن تخرج طائفة وراء الأمير بختيار إلى الكوفة وتلقاه وتعرّفه ما قد شمل مدينة السلام من الاهتمام، وأنّ الخوف قد غلبهم، وأنّ الذّعر قد ملكهم، وأنهم يقولون: لو كان لنا خليفة أو أمير أو ناظر سائس لم يفض الأمر إلى هذه الشناعة، وأنّ أمير المؤمنين المطيع لله إنما ولّاه ما وراء بابه ليتيقّظ في ليله، متفكّرا في مصالح الرّعايا، وينفّذ في نهاره آمرا وناهيا ما يعود بمراشد الدّين، ومنافع الدّانين والقاصين وإلّا فلا طاعة، وكلاما على هذا الطابع، وفي هذا النّسج، فاتّفق جماعة على صريمة الرأي في الحركة إلى الكوفة، منهم أبو كعب الأنصاريّ، وأبو الحسن مدره القوم، وعليّ بن عيسى، والعوّاميّ، وابن حسّان القاضي صاحب الوقوف، وأبو أحمد الجرجانيّ القاضي البليغ، وابن سيّار القاضي أبو بكر، وأبو بكر الرازيّ.

وأما جعل، فإنه ذكر ما به من وجع النّقرس، واستعفى.

وأما أبو سعيد السّيرافيّ، فإنّه ذكر ضعفا وسنّا، وقال: أنا أعين في هذه النائبة بإقامة رجل جلد مزاح العلّة بالفرس والسّلاح، وقعد الجمّ الغفير، وسارت الجماعة إلى الكوفة، ولحقت عزّ الدولة في التصيّد، وانتظرته، فلمّا عاد قامت في وجهه واستأذنت في الوصول إليه على خلوة وسكون بال وقلّة شغل، فلم يلتفت إليهم، ولا عاج عليهم- وكان وافر الحظّ من سوء الأدب، قليل التّحاشي من أهل الفضل والحكمة- ثم قيل له:

إنّ القوم وردوا في مهمّ لا يجوز التغافل عنه، والإمساك دونه، فأذن لهم بين المغرب والعتمة، فجلسوا بحضرته كما اتّفق من غير ترتيب، فقال: تكلّموا.

فقال أبو الوفاء المهندس لأبي بكر الرازيّ: تكلم أيّها الشيخ، فإنّك رضا الجماعة، ومقنع العصابة.

فقال أبو بكر: الحمد لله الّذي لا موهبة إلّا منه، ولا بلوى إلّا بقضائه، ولا مفزع إلّا إليه، ولا يسر إلّا فيما يسّره، ولا مصلحة إلّا فيما قدّره، له الحكم وإليه

<<  <   >  >>