فيمن أمر الحطى وهزمه وأسر من معه حتى أبيع كل عبدين من الأسرى بتفضيله، ومضى من فوره إلى زلال ففتح تلك البلاد وغنم أموالها فبلغت حصته لخاصة نفسه أربعين ألفا فرّقها بأجمعها على الفقراء والمساكين وعلى العسكر حتى لم يجد ما يأكله إلى أن أطعمته إحدى زوجاته.
وحصل لسليم بن عباد زوج ابنته اثنتا عشرة ألف بقرة، فأمره أن يخرج منها زكاتها فامتنع فتغير عليه، فأرسل الله تعالى عليه الكفرة فأخذوه وما معه، فلم يفلت منه سوى زوجته وابنه سعد الدين بحيلة تداركها الله فيها بلطفه.
وغزا أيضا بلادا تسمى زمدوة في أربعين فارسا وبها من الكفرة أعداد لا تحصى، فكانت بينه وبينهم قتلة عظيمة نصره الله فيها نصرا عزيزا، وغنم ما لا يدخل تحت حصر، وغزا بالى وأمحرة وهم في عشرة أمراء، كل أمير منهم عشرة آلاف، وهو فى خمسين فارسا وجميع من معه لا يبلغون عدّة أمير منهم، فعندما تلاقى الجمعان توضأ هو وأصحابه وصلوا ركعتين وسأل الله تعالى النصر وهم يؤمّنون على دعائه، ثم ركب بمن معه وقاتلهم فهزمهم الله ونصره عليهم فقتل وأسر منهم عددا لا يحصى بحيث بقيت رؤوس القتلى ملء الأرض لا يجد المار موضعا يمر به إلا عليهم، وكان بينه إذ ذاك وبين بلاده مسافة اثنى عشر يوما فعاد منصورا غانما، وجرد مرة من أصحابه رجلا يقال له:«أسد» فى أربعين فارسا فلقيه أمير من أمراء الحطى يقال له: «زان حش» فى خمسين فارسا لابسين آلة الحرب ومعه من العساكر الراكبين الخيل عريا عالم كبير، وكان مشهورا بالقوة والشجاعة، فاقتتل الفريقان أعظم قتال وأشدّه فقتل الله اللعين ونصر المسلمين نصرا مؤزرا وغنموا غنائم عظيمة، فجمع الحطى أمحرة ونزلوا إلى بلاد المسلمين فلقيهم أمير اسمه محمد في ستة فرسان ونحو ألف راجل «١» فقاتلوا قتالا شديدا عظيما استشهد فيه الأمير محمد [ومن]«٢» معه ولم يسلم منهم سوى فارس واحد فأخذه الحطى أميرا يقال له: بارو، فلقيه سعد الدين بنفسه ومعه الفقهاء والفقراء والفلاحون وجميع أهل البلاد وقد تحالفوا «٣» جميعا على الموت، فكانت بينهما وقعة شنيعة استشهد فيها من المشايخ