للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى البيهقى في «شعب الإيمان» من حديث مجاهد قال: صاحبت عمر من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا هذا الحديث: «إنّ مثل المؤمن كمثل النّحلة إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن جالسته نفعك، وكلّ شأنه منافع، وكذلك النّحلة كلّ شأنها منافع» «١» .

قال ابن الأثير: «وجه المشابهة بين المؤمن والنّحلة: حذق النحل وفطنته، قلّة أذاه وخفارته، ومنفعته، وسعيه، وتنزّهه عن الأقذار، وطيب أكله، وأنه لا يأكل من كسب غيره، ونحوله، وطاعته لأميره، وأن للنّحل آفاتا تقطعه عن عمله منها الظلمة، والغيم، والريح، والدخان، والماء، والنّار، وكذلك المؤمن له آفات تفتّره عن عمله: ظلمة الغفلة، وغيم الشك، وريح الفتنة، ودخان الحرام، وماء السّعة، ونار الهوى» «٢» .

وفي مسند الدارمى «٣» عن على بن أبى طالب- كرم الله وجهه- أنه قال:

«كونوا في النّاس كالنّحلة في الطير، إنه ليس في الطير شىء إلا وهو يستضعفها، ولو تعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها. خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم، فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب» «٤» .

وله عن ابن عباس- رضى الله عنه- أنه سأل كعب الأحبار: «كيف تجد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ فقال: نجده: محمّد بن عبد الله، يولد بمكة، ويهاجر إلى طيبة، ويكون ملكه بالشام، ليس بفحّاش ولا بصخّاب في الأسواق، ولا يكافئ بالسّيئة السّيئة، ولكن يعفو ويغفر، وأمته الحمّادون، يحمدون الله في كلّ سرّاء

<<  <   >  >>