ولا يسافر إلى طرف من الأطراف، وأن يمنعوا من اتخاذ العبيد إلا العبد الواحد، ومن كان بينه وبين واحد من الطالبين خصومة من سائر الناس قبل قول خصمه فيه، ولم يطالبه ببينة، وقرئ هذا الكتاب على منبر مصر، فيالله هل سمع في أخبار الجائرين أهل العناد والشقاق بمثل ما أمر به هذا الجائر!! لا جرم أن الله أخذه ولم يمهله فكانت دولته ستة أشهر.
وما زالت أمور الإسلام تتلاشى والدولة تضعف إلى أن انتقل الملك والدولة فى آخر أيام المتقى إبراهيم بن جعفر المقتدر «١» ، وأول أيام خلافة المستكفى عبد الله ابن المكتفى «٢» من بنى العباس إلى بنى بويه «٣» الديلم، فلم يبق بيد بنى العباس من الخلافة إلا اسمها فقط من غير تصرف في ملك بحيث صار الخليفة منهم في يد الدولة البويهية ثم في الدولة السلجوقية إنما هو كان رئيس الإسلام إلا أنه لا ملك ولا حاكم تتحكم فيه الديلم، ومع الأتراك، منذ استولى معز الدولة أحمد بن بويه ببغداد في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة تحت الحكم إلى أن قتلوا عن آخرهم وسبى حريمهم وهدمت قصورهم، وهلكت رعاياهم على يد عبد الله هولاكو وكانوا هم السبب في ذلك كما قد ذكر في سيرة الناصر أحمد بن المستضىء، وقد ثبت في الصحيح من حديث معاوية رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:«إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله على وجهه ما أقاموا الدين»«٤» .