ثم نزلنا مريحين قائلين يوم الخميس التاسع والعشرين من ذي الحجة، وبيننا وبين بدر مقدار مرحلتين، فلما كان أول الظهر رحلنا الى مقربة من بدر فنزلنا بائتين. ثم قمنا قبل نصف الليل فوصلنا بدرا وقد ارتفع النهار. وهي قرية فيها حدائق نخل متصلة، وبها حصن في ربوة مرتفعة، ويدخل اليها على بطن واد بين جبال. وببدر عين فوارة، وموضع القليب الذي كان بإزائه الوقعة الاسلامية التي أعزت الدين وأذلت المشركين، هو اليوم نخيل، وموضع الشهداء خلفه، وجبل الرحمة الذي نزلت فيه الملائكة عن يسار الداخل منها الى الصفراء، وبإزائه جبل الطبول، وهو شبيه كثيب رمل ممتد. وهذه التسمية لإشاعة لهج بها أكثر المسلمين، وذلك أنهم يزعمون أن أصوات الطبول تسمع بها كل يوم جمعة، كأنها آثار انذارات باقية بما سلف من النصر النبوي في ذلك الموضع، والله أعلم بغيبه.
وموضع عريش النبي، صلى الله عليه وسلم، يتصل بسفح؟؟؟ جبل الطبول المذكور، وموضع الوقيعة أمامه. وعند نخيل القليب مسجد، يقال: انه مبرك ناقة النبي، صلى الله عليه وسلم. وصح عندنا، على زعم أحد الأعراب الساكنين ببدر، أنهم يسمعون أصوات الطبول بالجبل المذكور، لكن عين لذلك كل يوم اثنين ويوم خميس. فعجبنا من زعمه كل العجب ولا يعلم حقيقة ذلك الا الله تعالى.
وبين بدر والصفراء بريد، والطريق اليها في واد بين جبال تتصل بها حدائق النخيل، والعيون فيها كثيرة، وهو طريق حسن. وبالصفراء حصن مشيد، ويتصل به حصون كثيرة: منها حصنان يعرفان بالتوأمين، وحصن يعرف بالحسنية، وآخر يعرف بالجديد، الى حصون كثيرة، وقرى متصلة.
شهر محرم سنة ثمانين وخمس مئة
استهل هلاله ليلة السبت بموافقة الرابع عشر لشهر أبريل ونحن مقلعون من