طويل عريض قد قامت أمامه خمسة أبواب مقوسة لها ستة اعمدة طوال. وفي وجه اليسار منه مشهد كبير حفيل كان فيه رأس الحسين بن علي، رضي الله عنهما ثم نقل الى القاهرة. وبإزائه مسجد صغير ينسب لعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه. وبذلك المشهد ماء جار. وقد انتظمت أمام البلاط أدراج ينحدر عليها الى الدهليز، وهو كالخندق العظيم، يتصل الى باب عظيم الارتفاع، ينحسر الطرف دونه سموا، قد حفته أعمدة كالجذوع طولا وكالأطواد ضخامة.
وبجانبي هذا الدهليز أعمدة قامت عليها شوارع مستديرة، فيها الحوانيت المنتظمة للعطارين وسواهم، وعليها شوارع أخر مستطيلة فيها الحجر والبيوت للكراء مشرفة على الدهليز، وفوقها سطح يبيت به سكان الحجر والبيوت، وفي وسط الدهليز حوض كبير مستدير من الرخام عليه قبة تقلها أعمدة من الرخام، ويستدير بأعلاها طرة من الرصاص واسعة مكشوفة للهواء لم ينعطف عليها تعتيب. وفي وسط الحوض الرخامي أنبوب صفر يزعج الماء بقوة فيرتفع الى الهواء أزيد من القامة لم ... وحوله أنابيب صغار ترمي الماء الى علو فيخرج عنها كقضبان اللجين، فكأنها أغصان تلك الدوحة المائية ومنظرها أعجب وأبدع من أن يلحقه الوصف.
وعن يمين الخارج من باب جيرون، في جدار البلاط الذي أمامه، غرفة، ولها هيئة طاق كبير مستدير فيه طيقان صفر قد فتحت أبوابا صغارا على عدد ساعات النهار ودبرت تدبيرا هندسيا، فعند انقضاء ساعة من النهار تسقط صنجتان من صفر من فمي بازيين مصورين من صفر قائمين على طاستين من صفر تحت كل واحد منهما: أحدهما تحت أول باب من تلك الأبواب، والثاني تحت آخرها، والطاستان مثقوبتان، فعند وقوع البندقتين فيهما تعودان داخل الجدار الى الغرفة، وتبصر البازيين يمدان أعناقهما بالبندقتين الى الطاستين ويقذفانهما بسرعة بتدبير عجيب تتخيله الأوهام سحرا، وعند وقوع البندقتين في الطاستين يسمع لهما دوي، وينغلق الباب الذي هو لتلك الساعة للحين بلوح من الصفر؛