لا يزال كذلك عند كل انقضاء ساعة من النهار حتى تنغلق الأبواب كلها وتنقضي الساعات، ثم تعود الى حالها الأول. ولها بالليل تدبير آخر، وذلك أن في القوس المنعطف على تلك الطيقان المذكورة اثنتي عشرة دائرة من النحاس مخرمة وتعترض في كل دائرة زجاجة من داخل الجدار في الغرفة، مدبر ذلك كله منها خلف الطيقان المذكورة، وخلف الزجاجة مصباح يدور به الماء على ترتيب مقدار الساعة، فإذا انقضت عمّ الزجاجة ضوء المصباح وفاض على الدائرة أمامها شعاعها، فلاحت للأبصار دائرة محمرة، ثم انتقل ذلك الى الأخرى حتى تنقضي ساعات الليل وتحمر الدوائر كلها، وقد وكل بها في الغرفة متفقد لحالها، درب بشأنها وانتقالها، يعيد فتح الأبواب وصرف الصنج الى موضعها. وهي التي يسميها الناس المنجانة.
ودهليز الباب الغربي فيه حوانيت البقالين والعطارين، وفيه سماط لبيع الفواكه، وفي أعلاه باب عظيم يصعد اليه على أدراج، وله أعمدة سامية في الهواء.
وتحت الأدراج سقايتان مستديرتان: سقاية يمينا، وسقاية يسارا، لكل سقاية خمسة أنابيب ترمي الماء في حوض رخام مستطيل. ودهليز الباب الشمالي فيه زوايا على مصاطب محدقة بالأعواد المشرجبة، وهي محاضر لمعلمي الصبيان.
وعن يمين الخارج في الدهليز خانقة مبنية للصوفية في وسطها صهريج ويقال:
انها كانت دار عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، ولها خبر سيأتي ذكره بعد هذا. والصهريج الذي في وسطها يجري الماء فيه، ولها مطاهر يجري الماء في بيوتها. وعن يمين الخارج أيضا من باب البريد مدرسة للشافعية في وسطها صهريج يجري الماء فيه ولها مطاهر على الصفة المذكورة.
وفي الصحن بين القباب المذكورة عمودان متباعدان يسيرا لهما رأسان من الصفر مستطيلان مشرجبان قد خرما أحسن تخريم، يسرجان ليلة النصف من شعبان فيلوحان كأنهما ثريتان مشتعلتان. واحتفال أهل هذه البلدة لهذه الليلة المذكورة اكثر من احتفالهم ليلة سبع وعشرين من رمضان المعظم.