ارشدت اليها فصرف الحيلة في اكترائها، وارجو ان الله يعينك على ذلك، واذا سكنتها فاعمد الى موضع، سماه له فيها وذكر له امارة عليه، فاحفر فيه مقدار كذا وانزع اللوح الذي تجده معترضا تحت الأرض وخذ الذي تجده مدفونا تحت الارض وصرفه في منافعك وما يوفقك الله اليه من وجوه البر والخير مباركا لك في ذلك، ان شاء الله.
ثم توفي الرجل الموصي، رحمه الله، وتوجه الموصى اليه بعهده الى بغداد، فيسر الله له في اكتراء الدار وانتهى الى الموضع المذكور فاستخرج منه ذخائر لا قيمة لها، عظيمة الشأن، كبيرة القدر، فدسها في احمال متاع ابتاعها وخرج الى دمشق من بغداد، فابتاع الدار المذكورة المنسوبة لعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وبناها خانقة للصوفية واحتفل فيها وابتاع لها الاوقاف ضياعا ورباعا وجعلها برسم الصوفية، واوصى بأن يدفن فيها وان يختم القرآن على قبره كل جمعة، وعين لكل من يحضر ذلك ما ذكرناه. فوجد الغرباء والفقراء في ذلك مرفقا كثيرا. فتغص الخانقة بالقرأة كل جمعة، فإذا ختموا القرآن دعوا له وانصرفوا واندفع لكل واحد منهم رطل من الخبز، على الصفة المذكورة. وبقي للمتوفي جميل الاثر والخير، رحمة الله ورضوانه عليه.
والكوثرية التي ذكرناها ايضا بالجامع المكرم، والمقروءة كل يوم بعد العصر، المعينة لمن لا يحفظ القرآن كان اصلها ايضا ان احد ذوي اليسار توفي واوصى بأن يدس قبره في الجامع المكرم واوقف وقفا يغل مئة وخمسين دينارا في السنة برسم من لا يحفظ القرآن ويقرأ من سورة الكوثر الى الخاتمة، فينقسم له اربعون دينارا، في كل ثلاثة اشهر من السنة. ويذكر ان احد الملوك السالفين توفي ايضا وأوصى بأن يجعل قبره في قبلة الجامع المكرم بحيث لا يظهر، وعين اوقافا عظيمة تغل نحو الالف دينار وأربع مئة دينار في السنة وزائد لقراء سبع القرآن كل يوم.
وموضع الاجتماع لقراءة هذا السبع المبارك كل يوم، اثر صلاة الصبح، بالجهة الشرقية من مقصورة الصحابة، رضي الله عنهم، ويقال: ان في ذلك الموضع