والصحيح في هذه القبة انها قبة حفيده عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وبإزاء داره المنسوبة اليه، وفيها كان يجلس للحكم ايام توليه مكة. كذلك حكى لنا أحد أشياخنا الموثوقين. ويقال ان البئر كانت في القديم فيها، ولا بئر فيها الآن لانا دخلناها فالفيناها مسطحة، وهي حفيلة الصنعة.
وكانت بمقربة من الدار التي نزلنا فيها دار جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، ذي الجناحين.
وبجهة المسفل، وهو آخر البلد، مسجد منسوب لأبي بكر الصديق، رضي الله عنه، يحف به بستان حسن فيه النخيل والرمان وشجر العناب، وعاينا فيه شجر الحناء. وأمام المسجد بيت صغير فيه محراب، يقال: انه كان مختبأ له، رضي الله عنه، من المشركين الطالبين له.
وعلى مقربة من دار خديجة، رضي الله عنها، المذكورة، وفي الزقاق الذي الدار المكرمة فيه مصطبة فيها متكأ يقصد الناس اليها ويصلون فيها ويتمسحون بأركانها، لأن في موضعها كان موضع قعود النبي، صلى الله عليه وسلم.
ومن الجبال التي فيها أثر كريم ومشهد عظيم الجبل المعروف بأبي ثور، وهو في الجهة اليمنية من مكة على مقدار فرسخ او ازيد. وفيه الغار الذي آوى اليه النبي، صلى الله عليه وسلم، مع صاحبه الصديق، رضي الله عنه، حسبما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز. وقرأت في كتاب أخبار مكة لابي الوليد الازرقي:
إن الجبل نادى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: الي يا محمد! الي يا محمد! فقد آويت قبلك نبيا. وخص الله، عز وجل، نبيه فيه بايات فمنها أنه، صلى الله عليه وسلم، دخل مع صاحبه على شق فيه ثلثا شبر وطوله ذراع، فلما اطمأنّا فيه، أمر الله العنكبوت فأتخذت عليه بيتا، والحمام فصنعت عليه عشا وفرخت فيه. فانتهى المشركون اليه بدليل قصّاص للأثر مستاف أخلاق الطريق، فوقف لهم على الغار وقال: ههنا انقطع الاثر، فاما صعد بصاحبكم من ههنا الى السماء أو غيض به في الارض. ورأوا العنكبوت ناسجة على فم