للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المغربية، الى مالا ينحصر ولا ينضبط، ما لو فرق على البلاد كلها لأقام لها الأسواق النافقة ولعم جميعها بالمنفعة التجارية، كل ذلك في ثمانية أيام بعد الموسم، حاشا ما يطرأ بها من طول الأيام من اليمن وسواها فما على الأرض سلعة من السلع ولا ذخيرة من الذخائر الا وهي موجودة فيها مدة الموسم.

فهذه بركة لا خفاء بها وآية من آياتها التي خصها الله بها.

وأما الأرزاق والفواكه وسائر الطيبات فكنا نظن أن الاندلس اختصت من ذلك بحظ له المزية على سائر حظوظ البلاد حتى حللنا بهذه البلاد المباركة فألفيناها تغص بالنعم والفواكه: كالتين، والعنب، والرمان، والسفرجل، والخوخ، والاترج، والجوز، والمقل، والبطيخ، والقثاء، والخيار، الى جميع البقول كلها: كالباذنجان، واليقطين، والسلجم، والجزر، والكرنب، الى سائرها، الى غير ذلك من الرياحين العبقة والمشمومات العطرة. وأكثر هذه البقول كالباذنجان والقثاء والبطيخ لا يكاد ينقطع مع طول العام، وذلك من عجيب ما شاهدناه مما يطول تعداده وذكره. ولكل نوع من هذه الانواع فضيلة موجودة في حاسة الذوق يفضل بها نوعها الموجود في سائر البلاد، فالعجب من ذلك يطول.

ومن أعجب ما اختبرناه من فواكهها البطيخ والسفرجل، وكل فواكهها عجب، لكن للبطيخ فيها خاصة من الفضل عجيبة، وذلك لأن رائحته من أعطر الروائح وأطيبها، يدخل به الداخل عليك فتجد رائحته العبقة قد سبقت اليك، فيكاد يشغلك الاستمتاع بطيب رياه عن أكلك اياه، حتى اذا ذقته خيل اليك أنه شيب بسكر مذاب أو يحنى النحل اللباب، ولعل متصفح هذه الاحرف يظن أن في الوصف بعض غلو، كلا لعمر الله! انه لأكثر مما وصفت وفوق ما قلت، وبها عسل أطيب من الماذيّ المضروب به المثل يعرف عندهم بالمسعودي.

وأنواع اللبن بها في نهاية من الطيب، وكل ما يصنع منها من السمن، فإنه لا تكاد تميزه من العسل طيبا ولذاذة. ويجلب اليها قوم من اليمن يعرفون بالسرو

<<  <   >  >>