للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوعا من الزبيب الأسود والاحمر في نهاية الطيب، ويجلبون معه من اللوز كثيرا.

وبها قصب السكر أيضا كثير، يجلب من حيث تجلب البقول التي ذكرناها والسكر بها كثير مجلوب وسائر النعم والطيبات من الرزق، والحمد لله.

وأما الحلوى فيصنع منها أنواع غريبة من العسل والسكر المعقود على صفات شتى، انهم يصنعون بها حكايات جميع الفواكه الرطبة واليابسة. وفي الاشهر الثلاثة: رجب، وشعبان، ورمضان، يتصل منها أسمطة بين الصفا والمروة، ولم يشاهد أحد اكمل منظرا منها لا بمصر ولا بسواها، قد صورت منها تصاوير إنسانية وفاكهية وجليت في منصات كأنها العرائس ونضدت بسائر أنواعها المنضدة الملونة، فتلوح كأنها الازاهر حسنا، فتقيد الأبصار وتستنزل الدرهم والدينار.

وأما لحوم ضأنها فهناك العجب العجيب، قد وقع القطع من كل من تطوف على الآفاق وضرب نواحي الأقطار أنها أطيب لحم يؤكل في الدنيا.

وما ذاك، والله أعلم، إلا لبركة مراعيها، هذا على افراط سمنه، ولو كان سواه من لحوم البلاد ينتهي ذلك المنتهى في السمن للفظته الأفواه زهما ولعافته وتجنبته.

والأمر في هذا بالضد، كلما ازداد سمنا زادت النفوس فيه رغبة والنفس له قبولا، فتجده هنيئا رخصا يذوب في الفم قبل أن يلاك مضغا، ويسرع لخفته عن المعدة انهضاما. وما أرى ذلك الا من الخواص الغريبة، وبركة البلد الأمين قد تكلفت بطيبه لا شك فيه. والخبر عنه يضيق عن الخبر له، والله يجعل فيه رزقا لمن تشوق بلدته الحرام، وتمنى هذه المشاهد العظام، والمناسك الكرام، بعزته وقدرته.

وهذه الفواكه تجلب اليها من الطائف، وهي على مسيرة ثلاثة أيام منها، على الرفق والتّؤدة، ومن قرى حولها. وأقرب هذه المواضع يعرف بأدم، هو من مكة على مسيرة يوم أو أزيد قليلا، وهو من بطن الطائف، ويحتوي على قرى كثيرة، ومن بطن مرّ، وهو على مسيرة يوم أو أقل؛ ومن نخلة، وهي على مثل

<<  <   >  >>