للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا"١.

وَكَمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ٢ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كعب أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَيْهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} ٣ وَقَرَأَ فِيهَا: "إِنَّ ذَاتَ الدِّينِ عِنْدَ اللَّهِ الحنيفية، لا اليهودية والنصرانية، وَمَنْ يَعْمَلْ خَيْرًا فَلَنْ يُكْفَرَ"٤. قَالَ الْحَاكِمَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ؛ فَهَذَا مِمَّا نُسِخَ لَفْظُهُ، وَبَقِيَ مَعْنَاهُ.

وَعَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "التَّمْهِيدِ" مِمَّا نُسِخَ خَطُّهُ وَحُكْمُهُ، وَحِفْظُهُ "يُنْسَى مَعَ رَفْعِ خَطِّهِ مِنَ الْمُصْحَفِ، وَلَيْسَ حِفْظُهُ عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ، وَلَا يُقْطَعُ بِصِحَّتِهِ عَنِ اللَّهِ، وَلَا يَحْكُمُ بِهِ الْيَوْمَ أَحَدٌ"* قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ سُورَةَ الْأَحْزَابِ كَانَتْ نَحْوَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ٥.

السَّادِسُ: نَاسِخٌ صَارَ مَنْسُوخًا، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا لَفْظٌ مَتْلُوٌّ، كَالْمَوَارِيثِ بِالْحَلِفِ وَالنُّصْرَةِ، فإنه نسخ بالتوارث بالإسلام والهجرة، ونسخ التوارث بالإسلام والهجرة بآي الْمَوَارِيثِ..

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَعِنْدِي أَنَّ الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ تَكَلُّفٌ، وَلَيْسَ يَتَحَقَّقُ فِيهِمَا النَّسْخُ.

وَجَعَلَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ التَّوْرِيثَ بِالْهِجْرَةِ مِنْ قِسْمِ مَا عُلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلَمْ يُعْلَمْ نَاسِخُهُ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ نَسْخَ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ، أَوِ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ، أَوْ نَسْخَهُمَا مَعًا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَلَا عَقْلِيٌّ، فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ تِلَاوَةِ الْآيَةِ حكم من أحكامها، وما


* ما بين قوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>