للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الخدمة يمارس هذه العادة سبوه وأهانوه فضلا عن أن يتصدقوا عليه. (١)

وقد استمر هذا الرخاء في العيش بعد ذلك رغم ما حدث من الاضطرابات والزعازع السياسية في الأندلس. وقد بقيت قرطبة تقريبًا هي أشد المجتمعات تحفظا وتظاهرا بالدين والتمسك بالأخلاق، يقول المقري عن قرطبة: "ومن محاسنها .. ظرف اللباس، وتظاهر بالدين والمواظبة على الصلاة وتعظيم أهلها لجامعها الأعظم وكسر أواني الخمر حينما تقع عين أحد من أهلها عليها والتستر بأنواع المنكرات والتفاخر بأصالة البيت وبالجندية وبالعلم وهي أكثر بلاد الأندلس كتبا وأهلها أشد الناس اعتناء بخزائن الكتب". (٢) حتى ممن لا يقرأ حيث أصبح وضع المكتبة في البيت مما يتباها فيه أهل تلك البلاد حتى إن بعضهم يشترى الكتاب بأضعاف ما يستحق ليملأ به فراغًا في خزانته.

وبجوار هذا كان اللهو الماجن أحيانًا في متنزهات قرطبة وغيرها من مدن الأندلس وكان القول العابث فيها مستراد ومذهب. (٣) وهذا بلا شك نتيجة لكون السكان من عناصر كثيرة، وقد قضى أبو محمد قرابة عشرين عامًا من حياته الأولى في قرطبة. ويطول بنا المقام لو تتبعنا الوسط الاجتماعي الذي عاش في كنفه ابن حزم بعد ذلك في الحديث، ولكن بحسبنا أن نقول إن هذا الوسط كان حافلًا بشتى مظاهر الاختلاط فمن اختلاط بين الجنسين إلى اختلاف بين


(١) انظر نفح الطيب للمقري ج ١ ص ٢٠٥.
(٢) المرجع السابق ص ١٠، ١١.
(٣) المرجع السابق ص ١٥٤.

<<  <   >  >>