للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- البرهان الثاني: العالم موجود بالفعل وكل موجود بالفعل فقد حصره العدد وأحصته طبيعته، (١) وحصر العدد وإحصاء الطبيعة نهاية صحيحة إذ ما لا نهاية له فلا إحصاء له ولا حصر له فإن العالم كله ذو نهاية وسواء في ذلك ما وجد في مدة واحدة أو مدد كثيرة إذ ليست تلك المدد إلا مدة محصاة إلى جنب مدة محصاة فهي مركبة من مدد محصاة، وكل مركب من أشياء فهو تلك الأشياء التي ركب منها فهي كلها مدد محصاة فصح أن ما لا نهاية له فلا سبيل إلى وجوده بالفعل وما لم يوجد إلا بعد ما لا نهاية له فلا سبيل إلى وجوده بالفعل وما لم يوجد إلا بعد ما لا نهاية له فلا سبيل إلى وجوده أبدا إذ أن ما لا نهاية له فلا بعد له والأشياء كلها موجودة بعضها بعد بعض فهي ذات نهاية وقد نبه الله على هذا الدليل وسابقه بقوله: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}. (٢) (٣)

- البرهان الثالث: ثبوت أن للزمان أولًا وأجزاء فنهاية، لأن الزمان هو مدة بقاء الجرم ساكنًا أو متحركًا. ولو فارقه لم يكن الجرم موجودًا، ولا كان الزمان أيضًا موجودًا. وكلاهما موجود ذو أول اذ لو لم يكن له أول يكون به متناهيًا في عدده الآن لكان كل ما زاد فيه ويزيد مما يأتي من الأزمنة فإنه لا يزيد ذلك في عدد الزمان شيئًا وبشهادة الحس أن كل ما وجد من الأعوام على الأبد إلى زماننا هذا هو أكثر من كل ما


(١) الطبيعة هي القوة التي تكون في الشيء فتحرك بها كيفيات ذلك الشيء على ما هي عليه. انظر الفصل جـ ١ ص ١٥. والملل جـ ٢ ص ١٧٠. والفلسفة اليونانية لمحمد بيصار. ص ٦٢.
(٢) سورة الرعد آية (٨).
(٣) انظر الفصل في الملل والأهواء والنحل جـ ١ ص ١٥، ١٦. والمحلى جـ ١ ص ٥، ٤.

<<  <   >  >>