للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجد من الأعوام على الأبد إلى وقت هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك في أن الزمان مذ كان إلى وقت الهجرة جزء للزمان مذ كان إلى وقتنا هذا، وهو كل له ولما بعده إلى وقتنا هذا. ولا يخلو الحكم في هذه القضية من أحد ثلاثة أوجه إما أن يكون الزمان مذ كان موجودًا إلى وقتنا هذا أكثر من الزمان مذ كان إلى عصر الهجرة. وإما أن يكون أقل منه أو مساويًا له، وعلى الأخيرين يكون الكل أقل من الجزء ومساويًا له وهذا محال. وعلى الأول وهو الذي لا شك فيه فالزمان مذ كان إلى وقت الهجرة ذو نهاية لأنه جزء الزمان إلى وقتنا الحاضر والكل والجزء واقعان في كل ذي أبعاض والعالم ذو أبعاض هكذا توجد حاملاته ومحمولاته وأزمانها فالعالم كل لأبعاضه وأبعاضه أجزاء له، والنهاية كما تقدم لازمة لكل ذي كل وذي أجزاء، وما لا نهاية له فلا سبيل إلى الزيادة فيه، وقد نبه الله تعالى على هذا الدليل وحصره في قوله تعالى: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ}. (١) (٢)

- البرهان الرابع: أن ما لا أول له ولا نهاية لا يقع عليه العد والإحصاء وقد أحصى العدد والطبيعة كل ما خلا من العالم حتى بلغ إلينا وحيث ثبت هذا، فالإحصاء منا إلى أولية العالم صحيح موجود بلا شك وإذ ذلك كذلك فللعالم أول ضرورة وبالله التوفيق. (٣)

- البرهان الخامس: أن ما يقع عليه العدد لا سبيل إلى وجود ثان منه إلا بعد أول، ولا ثالث إلا بعد ثان وهكذا أبدًا.


(١) سورة فاطر آية (١).
(٢) انظر الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم جـ ١ ص ١٦ - ١٨، والمحلى جـ ١ ص ٤، ٥.
(٣) انظر الفصل جـ ١ ص ١٨.

<<  <   >  >>