شيئًا مما في العالم فهو بالضرورة الخالق الأول الواحد تبارك وتعالى، هذا إلى ما يرى ويشاهد بالحواس من آثار الصنعة التي لا يشك فيها ذو عقل.
ومن بعض ذلك تراكيب الأفلاك وتداخلها ودوام دورانها على اختلاف مراكزها. ثم أفلاك تداويرها والبون بين حركة أفلاك التداوير والأفلاك الحاملة لها ودوران الأفلاك كلها من غرب إلى شرق ودوران الفلك التاسع (١) الكلي بخلاف ذلك من شرق إلى غرب وإدارته لجميع الأفلاك مع نفسه كذلك فحدث من ذلك حركتان متعارضتان في حركة واحدة فبالضرورة نعلم أن لها محركًا على هذه الوجوه المختلفة.
ومن ذلك تراكيب أعضاء الإنسان والحيوان من إدخال العظام المحدبة في المقعرة وتركيب العضل على تلك المداخل والشد على ذلك بالعصب والعروق صناعة ظاهرة لا شك فيها لا ينقصها إلا رؤية الصانع فقط.
ومن ذلك ما يظهر في الأصباغ الموضوعة في جلود كثير من الحيوان وريشه ووبره وشعره وظفره وقشره على رتبة واحدة ووضع واحد لا تخالف فيه. ومنها ما يأتي مختلفًا. فبالضرورة والحس نعلم أن لذلك صانعًا مختارا يفعل ذلك له كما شاء ويحصيه إحصاء لا يضطرب أبدا عما شاء من ذلك وليس يمكن البتة في حس العقل أن تكون هذه المختلفات المضبوطة ضبطًا لا تفاوت فيه من فعل طبيعة ولابد لها من صانع قاصد إلى صنعه كل ذلك.
(١) هو الفلك الأطلس. انظر مجموع فتاوي ابن تيمية جـ ٨ ص ١٧٠، ومنهاج السنة له جـ ١ ص ١٩٢.