للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماتريدي. (١) لكن طريقة ابن حزم في البرهنة على حدوث العالم بتناهي أشخاصه بأعراضها وأزمانها كثيرة الشبه بطريقة الكندي. فلعل ابن حزم قد اطلع على فلسفة الكندي وتأثر بها.

يقول الدكتور إحسان عباس: إن هناك صلة بين بعض الأفكار عند الكندي وابن حزم، إلا أن ابن حزم لم يذكر الكندي فيما أعلم. إلا في نقل واحد في كتابه جمهرة أنساب العرب (٢) ثم يذكر بعضًا من وجوه الاتفاق. (٣)

وسأعرض نموذجًا من مسلك الكندي بتناهي بعض مكونات العالم - الجرم - حتى نرى مدى التشابه الكبير بينهما.

يرى الكندي أن العالم، جرم، وزمان وحركة. وجميع هذه متناهية فلا يمكن أن يكون جرم أزليًا ولا غيره مما له كمية، أو كيفية لا نهاية له بالفعل، وأن لا نهاية له إنما هو في القوة. ويعتمد في برهانه هذا على مقدمات بدهية هي:

١ - أن كل الأجرام التي ليس منها شيء أعظم من شيء متساوية.

٢ - والمتساوية أبعاد ما بين نهاياتها متساوية بالفعل والقوة.


(١) انظر استدلاله في كتاب التوحيد ص ١٢.
والماتريدي: هو محمد بن محمد بن محمود، من أئمة علماء الكلام له مؤلفات كثيرة منها تأويلات أهل السُّنة، وأوهام المعتزلة ومآخذ الشرائع، توفى بسمرقند سنة ٣٣٣ هـ. انظر كتاب الفوائد البهية في تراجم الحنفية ص ١٩٥. والأعلام جـ ٧ ص ١٩.
(٢) الصحيح أن ابن حزم ذكر الكندى في كتابه جمهرة أنساب العرب ثلاث مرات انظر ص ٢٥، ٣٢٨، ٤٢٦ من الجمهرة.
(٣) انظر مقدمة الرد على ابن النغريلة ورسائل أخرى للدكتور إحسان عباس ص ٣٥، ٤٠.

<<  <   >  >>