للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالذي لا نهاية له الأصغر متناه، وهذا خلف لا يمكن فليس أحدهما أعظم من الآخر.

وإن كان مساويًا له فقد زيد على جرم جرم فلم يزد شيئًا وهذا المزيد جزؤه، فمعنى هذا أن الجزء مثل الكل وهذا خلف لا يمكن فقد تبين أنه لا يمكن أن يكون جرم لا نهاية له.

وعلى هذا النهج يسير الكندي في بيان تناهي كل الكميات.

والزمان كمية فليس يمكن أن يكون زمان لا نهاية له بالفعل بل هو ذو مبدأ ونهاية، وكل الأشياء المحمولة في المتناهي متناهية اضطرارًا فكل محمول في الجرم من كم، أو مكان أو حركة، أو زمان الذي هو مفصول بالحركة فمتناه أيضًا، (١) ويمكن أن يقام عليه الدليل الذي أقيم في بيان تناهي الجرم.

أرى أن هذا القدر كاف في بيان تشابه مسلك ابن حزم بمسلك الكندي، فالطريق الذي بين به الكندي تناهى الجرم هو الذي بين به ابن حزم تناهي الزمان حيث إنه يصدق على كل ما يمكن أن يقال فيه أنه لا متناهى.

والكندي يرى أن الجرم والحركة، والزمان متلازمة. (٢) وهذا ما نراه واضحًا في البرهان الثالث من البراهين التي أقامها ابن حزم لبيان حدوث العالم، وهو في بيان تناهي الزمان.


(١) انظر كتاب الكندي إلى المعتصم في الفلسفة الأولى ص ٩٠ - ١٠٠ والإبانة في تناهي العام له ص ١، - مخطوط والتفكير الفلسفي في الإسلام لعبد الحليم محمود جـ ٢ ص ٣١٤ - ٣١٦.
(٢) هذا رأى أرسطو وهو تلازم الجسم والحركة والزمان. انظر الطبيعة لأرسطو جـ ٢ ص ٤٨٩. وما بعدها. والكون والفساد له ص ٢٥٣.

<<  <   >  >>