للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستدل ابن حزم بما في الفلك من نقلة زمانية وحركة دورية وما في المخلوقات من الدقة والاتفاق وما فيها من التوافق والاختلاف.

وهو موافق للمنهج القرآني في استدلاله، وهذا الدليل هو أقوى الأدلة وأوضحها على وجود الله تعالى، ثم هو أسهلها، وقد استخدمه الأقدمون ولا يزال المحدثون يستخدمونه، وقد استدل بهذا الدليل على هذا النهج قبل ابن حزم من المسلمين الكندي، (١) وأبو منصور الماتريدي. (٢) ولكن تطبيق ابن حزم الاستدلال على ما في الكون شبيه بما ذهب إليه أفلاطون، (٣) وأرسطو، (٤) من فلاسفة اليونان عن استدلالهم على وجود الله. فقد توصل أفلاطون عند ربطه بين العلة ومعلولها، أو بين العقل والمادة إلى استنتاج ظاهرتين أساسيتين في هذا الوجود هما:


(١) انظر التفكير الفلسفي في الإسلام لعبد الحليم محمود جـ ٢ ص ٣١٨ - ٣٢٠.
(٢) انظر كتاب التوحيد للماتريدى ص ١٨.
(٣) هو أفلاطون بن أرسطين بن أرسطو قليس، من أثينة وهو معروف بالتوحيد والحكمة، ولد في زمن أردشير بن دارا. وتتلمذ على سقراط ولما اغتيل سقراط جلس على كرسيه، وحكى عنه أنه يقول: إن للعالم محدثًا مبدعا أزليا واجبا بذاته توفى سنة ٣٤٧ ق. م وكان مولده سنة ٤٢٧ ق. م على الراجح. انظر: طبقات الأطباء لابن جلجل ص ٢٣ - ٢٥. وتاريخ الحكماء ص ١٧ - ٢٧.
(٤) هو أرسطو طاليس بن نيقوما خوس من أهل أسطاخيرا وهو المقدم المشهور والمعلم الأول، والحكيم المطلق عندهم ولما بلغ السابعة سلمه أبوه إلى أفلاطون لتأديبه فمكث عنده نيفا وعشرين سنة وله كتب في الطبيعيات والإلهيات تعاطى أول حياته الطب وألف فيه كتاب "الصحة والمرض" وفلسفته أسسها المحسوسات والمشاهدات. توفى سنة ٣٢٢ ق. م وكان مولده سنة ٣٨٤ ق. م انظر طبقات الأطباء لابن جلجل ص ٢٥ - ٢٧. وتاريخ الحكماء للقفطي، ص ٢٧ - ٥٣ ودائرة معارف القرن العشرين جـ ١ ص ١٦٤، ١٦٥.

<<  <   >  >>