للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: الرد على من انحرفت فطرهم.

وثانيهما: ما سبقت الإشارة إليه، وهو من طريق نصوص جاءت لبيان عظمة الله وتدبيره المحكم وعنايته التامة بكل صغيرة وكبيرة وبيان ما في العالم من تناسق وتضامن وانسجام وترابط بين أجزائه ووحداته.

الطريق الأول:

الرد على من انحرفت فطرهم:

هؤلاء هم من أنكروا الخالق تبارك وتعالى. وقالوا إن الله تعالى لم يخلقهم ابتداء، ولا يعيدهم مآلًا، وإنما الحياة بالطبع والفناء بالدهر يقول تعالى عنهم: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} (١) أي ما ثم خالق ولا مميت فالحياة والموت عندهم عبارة عن تركب الطبائع المحسوسة في العالم السفلي وتحللها، فالجامع هو الطبع والمهلك هو الدهر فكذبهم الله تبارك وتعالى بقوله {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (٢) أي أن نسبتهم الحياة والموت للطبع والدهر قول بغير علم مبني على الظن والتخمين، لأن من كان طلبه وجدان الحق يكفيه النظر إلى حدوث الحياة في الأجسام الجمادية دليلا على أن هناك موجدًا للحياة ومنعما بها وهو الله تبارك وتعالى، وإن ظهور الحياة في حد ذاته دليل كاف للإقناع بوجود الله


(١) سورة الجاثية آية (٢٤).
(٢) سورة الجاثية آية (٢٤).

<<  <   >  >>