للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيان الطريق الثاني:

"العناية الإلهية بما يرى في العالم".

إذا نظرنا إلى هذا العالم وجدناه منظمًا مترابطًا سائرًا بهذا النظام المحكم الدقيق في كله وأجزائه، ومقدرًا على الأمر الأتقن والأنفع، وأن جميع الموجودات، موافقة لوجود الإنسان.

وفي النظر إلى الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وفصول السنة الأربعة ندرك هذه الموافقة، ونراها في الأرض، والماء والنار، والهواء وفي كثير من الحيوانات، والنباتات والجمادات وتظهر العناية الإلهية بموافقة أعضاء الإنسان والحيوان لحياته ومعاشه. يقول تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (١) فإن أقرب شيء إلى الإنسان نفسه، فإذا نظر فيها وجد آثار التدبير فيه ظاهرة، والعناية الإلهية بالغة، ومن أظهر ما يدركه المدرك ما جعل الله في الإنسان من أبواب يجده في أمس الحاجة إليها، وقد هيأها الله تبارك وتعالى لتؤدي ما جعل إليها من أعمال، فكملها بما يصونها مما يؤذيها لتؤدي مهمتها وقد وضعها في أماكن على وضع تبدو منه جميلة {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (٢) وهذه الأبواب هي، بابان للسمع، وبابان للبصر، وبابان للشم والتنفس، وباب للكلام والطعام والشراب وللتنفس أيضًا وبابان لخروج الفضلات وفي كل باب من التراكيب والفوائد ما


(١) سورة الذاريات، آية (٢١).
(٢) سورة المؤمنون آية (١٤).

<<  <   >  >>