للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطول شرحه. (١)

وفي النظر إلى الحيوانات، والحشرات، وما فيها من الفوائد وما تقوم به من أعمال متقنة منظمة على أوجه دقيقة عجيبة، ومن هذه الحشرات على وجه التمثيل النحل.

يقول ابن القيم: تأمل أحوال النحل، وما فيها من العبر، والآيات فانظر إليها، وإلى اجتهادها في صنعة العسل، وبنائها البيوت المسدسة التي هي من أتم الأشكال وأحسنها استدارة، وأحكمها صنعا، فإذا انضم بعضها إلى بعض لم يكن بينها فرجة ولا خلل، كل هذا بغير مقياس ولا آلة، وتلك من أثر صنع الله وإلهامه إياها وإيحائه إليها كما قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. (٢) فتأمل كمال طاعتها وحسن ائتمارها لربها، اتخذت بيوتها في هذه الأمكنة الثلاثة في الجبال وفي الشجر وفي بيوت الناس حيث يعرشون، فلا يرى للنحل بيت في غير هذه الثلاثة.

ومن عجيب أمرها أن لها أميرًا يسمى اليعسوب، لا يتم لها رواح ولا إياب إلا به، فهي مؤتمرة لأمره سامعة له مطيعة يدبرها كما يدبر الملك أمر رعيته حتى إنها إذا آوت إلى بيوتها وقف على باب البيت فلا يدع واحدة تزاحم الأخرى، ولا تقدم عليها في العبور بل تعبر بيوتها


(١) انظر التبيان في أقسام القرآن لابن القيم ص ٢٢٢.
(٢) سورة النحل الآيتان (٦٨، ٦٩).

<<  <   >  >>