للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة تلو الأخرى بغير تزاحم ولا تصادم ولا تراكم. (١)

فالرائي بهذا - ونحوه مما هو كثير في الحيوانات والحشرات - بعقل وتفكر يدرك أن لها خالقًا بالغ العناية بها أوحى إليها بهذا العمل الذي فيه صلاحها وفوائدها.

ومن تفحص هذه المعاني، وعرفها علم أنها أتت من قبل فاعل قاصد لذلك كله مريد له حيث لا يمكن أن يكون من قبيل المصادفة. وإن في الظاهر من هذا الكون للحواس السليمة لأوضح دلالة على عناية فاعل مختار لما يفعل وهو اللطيف الخبير وقد ذكر سبحانه وتعالى في كثير من المواضع من كتابه العزيز عنايته بهذا الإنسان ورعايته له فقال: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣)(٢) ويقول: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (١١) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} (٣) ويقول: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}. (٤)


(١) مفتاح دار السعادة لابن القيم ج ١ ص ٢٤٨، ٢٤٩. بتصرف، وانظر شفاء العليل ص ١٤٥ - ١٤٩. وكلام ابن القيم يوحي بالمراد للاستدلال.
وقد أصبحت المعرفة عن النحل أدق.
(٢) سورة الجاثية الآيتان (١٢، ١٣).
(٣) سورة النبأ الآيات (٦ - ١٦).
(٤) سورة عبس الآيات (٢٤ - ٣٢).

<<  <   >  >>