للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منطقي لإثبات هذا النوع من التوحيد وليس تحقيق هذا النوع بالدليل هو غاية التوحيد الذي دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام وإثبات وحدانية فاعل العالم اقتصارًا على أنه واحد في ذاته لا قسيم له أو لا جزء له وأنه واحد في صفاته لا شبيه له وأنه واحد في أفعاله لا شريك له (١). ليس هو التوحيد الكامل والمقر بهذا النوع من التوحيد فقط لا يكون موحدًا ولا مؤمنًا فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله تعالى هو الخالق للسموات والأرض ومن فيهن وما بينهما وكانوا يعبدون غيره فهم مشركون كما أخبر الله عنهم فلم يجعلهم هذا الإقرار موحدين قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٢). وقال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} (٣).

فهم قد أثبتوا أن الله خالق الكون كله وأنه ربه وبيده ملكوت كل شيء ولكنهم لم يؤمنوا بأن لا إله إلا هو، لأن الإِقرار بها، إقرار بأنه وحده هو الإِله المستحق للعبادة (٤).


(١) انظر المغني في أبواب التوحيد والعدل للقاضي عبد الجبار بن أحمد جـ ٤ ص ٢٤١، ٢٤٢. والاقتصاد في الاعتقاد للإمام الغزالي ص ٦٩، ٧٠. ومتن العقيدة المسماة بأم البراهين ص ١ - ب ضمن مجموعة رسائل مخطوطة في لاله لي باستانبول رقم ٢٢٤٠ وهي من المجموعة ص ١٢٣ - ١٢٦.
(٢) سورة العنكبوت آية (٦١).
(٣) سورة المؤمنون الآيات (٨٤ - ٨٩).
(٤) انظر موافقة صحيح المنقول لابن تيمية جـ ١ ص ١٣٦ ورسالة في أهل الصفة والأباطيل فيهم وفي الأولياء ضمن الرسائل والمسائل جـ ١ ص ٣٤، ٣٥.

<<  <   >  >>