للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تركيب لأن الكثرة في كل الخلق وليست فيه البتة (١).

وبأدنى نظر إلى ما استدل به الكندي وابن حزم يدرك التشابه الكبير بينهما وأنهما دليل واحد.

وقد ذكر ابن حزم في استدلاله: "أن ما كان أكثر من واحد فهو واقع تحت جنس العدد فهو نوع من أنواعه .. الخ. فذكره هذا بهذه العبارات مما يؤيد قولنا بأنه تأثر بالكندى في استدلاله على الوحدانية فذكر الثاني قوانين ليبني عليها استدلاله على تناهي الزمان وبيان حدوثه فمما قال عن خواص الأزلي. أنه لا قوامه من غيره وأنه لا علة له فلا موضوع له ولا محمول ولا فاعل ولا سبب وقال: "فالأزلي لا جنس له لأنه إن كان له جنس فهو نوع والنوع مركب من جنسه المغاير له ولغيره ومن فصل ليس في غيره فله موضوع وهو الجنس القابل لصورته وصورة غيره ومحمول وهو الصورة الخاصة له دون غيره فله موضوع ومحمول" (٢).

فنجد أن ما ذكر ابن حزم عن الجنس هو بعينه ما ذكره الكندي إلا أن الكندي ساقه في بيان منافاة ما دخل تحت الجنس للأزلية، وابن حزم ساقه لبيان أن ما كان أكثر من واحد فهو واقع تحت جنس العدد وما يقع تحت جنس العدد فهو مناف للوحدة لما ذكر.

وهذا المسلك الذي تبعه الإمام ابن حزم في البرهنة على وحدانية الله تبارك وتعالى بإثبات ربوبيته واعتقاد أنه وحده خالق العالم مسلك


(١) انظر رسالة الكندي إلى المعتصم في الفلسفة الأولى ص ١٢١، ١٢٢.
ومناهج الأدلة لابن رشد مقدمة الدكتور محمود قاسم ص ٢٩. والتفكير الفلسفي في الإسلام جـ ٢ ص ٣٢٠.
(٢) رسالة الكندي إلى المعتصم في الفلسفة الأولى ص ٩٠، ٩١.

<<  <   >  >>