للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالله واحد لم يزل إذ لو لم يكن كذلك لكان من جملة العالم تعالى الله عن ذلك، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (١)، وقال تعالى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٢) (٣).

ذكرنا في نقد استدلال ابن حزم على وجود الله تعالى أنه تأثر بيعقوب بن إسحق الكندي وبينا هناك ما رأيناه دالًا على ما قلنا.

وهنا عند استدلاله على الوحدانية نرى أيضًا أنه لم يذهب بعيدًا عما ذهب إليه الكندي في الاستدلال على الوحدانية فنجد أن استدلال ابن حزم على الوحدانية مبنى على القواعد التي بنى عليها الكندي دليله إلا أن الأول أعطى استدلاله شيئًا من البسط والتوضيح. ولتوضيح هذا نقدم ملخصًا لدليل الكندي هو:

أن محدث العالم سبحانه واحد لا شريك له ولا تركب في ذاته، ولو فرض أن العالم مخلوق لأكثر من إله لكانوا مركبين من صفة تعمهم ومن صفة أوصفات تميز كلًا منهم، والتسليم بوجود الصفات تسليم بوجود الكثرة في كل إله فيجب أن نقف على العلة في وجود التركيب في كل إله، ولو فرض وجود علة وجب البحث عن علة لهذه العلة وهكذا دواليك ولا يمكن الانتقال في سلسلة العلل فيجب الوقوف عند حد. فيلزمنا القول بوجود إله برىء من كل كثرة أو


(١) سورة الشورى آية (١١).
(٢) سورة الإِخلاص آية (٤).
(٣) انظر الفصل لابن حزم جـ ١ ص ٤٤ - ٤٦، ٥٣، ٦٤. والمحلى له جـ ١ ص ٥.

<<  <   >  >>