ولابد إذ عدم الاشتباه، والاختلاف بين الموجودين محال.
وعلى حال الاشتباه فقد ثبت لهما معان اشتبها فيها كالوجود والفعل وكونهما لم يزالا، ولا يجوز كون هذه الصفات ليست غيرهما لأنها صفات عمتهما فإن كان الاشتباه هو هما فهما شيء واحد.
وعلى حال الاختلاف بينهما وأن كلا منهما غير الآخر فإن كان هذا الاختلاف فيهما هو غيرهما فههنا ثالث وهكذا أيضًا أبدًا، وإن كان الاشتباه هو هما والاختلاف هو هما فالاشتباه هو الاختلاف وهذا محال، إذ لابد من معنى في المختلف ليس اشتباهًا لأنه لا يجوز أن يكون الشيئان مشتبهين بالاختلاف. فإذا ثبت هذا فلابد من اشتباه أو اختلاف هو معنى غيرهما فهو ثالث. وإذا لزم فيهم ثلاثتهم مثل ما لزم في الاثنين من التشابه والاختلاف وهكذا، وهذا يوجب التركيب في كل واحد منهما من ذاته ومن المعنى الذي به أشبه الآخر أوخالفه والمركب محدث فهما محدثان لغيرهما ولابد، وإن ثبت التركيب لواحد منهما فقط وكان الآخر هو الفاعل له فقد عاد الأمر إلى واحد غير مركب ولابد ضرورة.
ثم إن ما كان أكثر من واحد فهو واقع تحت جنس العدد فهو نوع من أنواعه، والنوع مركب من الجنس والفصل فهو ذو موضوع ومحمول والمركب مع المركب من باب المضاف، وأما الواحد فليس عددًا، لأن العدد مركب من واحد يراد به الفرد وواحد كذلك، وواحد كذلك إلى نهاية العدد المنطوق به، فخاصته أن يوجد عدد آخر مساو له وعدد آخر ليس مساويًا له هذا شيء لا يخلو منه عدد أصلًا فالعدد ليس هو الواحد وهو ليس العدد وإنما العدد مركب من الآحاد التي هي الأفراد.