للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شك فلا يجوز أن يكون شيء في مكان ويكون هو محيطًا بمكانه، هذا محال في العقل يعلم امتناعه ضرورة. (١).

واستدل على نفي الزمان والمكان عنه تعالى بقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (٢) وقال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا} (٣) والزمان والمكان مخلوقان قد كان تعالى دونهما.

والمكان إنما هو للأجسام. والزمان هو مدة كل ساكن أو متحرك أو محمول في ساكن أو متحرك وكل هذا مبعد عن الله عز وجل (٤).

وقد أبطل قول من وصف الله بالجسمية والحركة والصورة بقوله: إن الضرورة توجب أن كل متحرك فذو حركة، وأن الحركة لمتحرك بها وهذا من باب الإِضافة، فلو كان كل محرك متحركًا لوجب وجود أفعال لا أوائل لها وهذا باطل. فوجب ضرورة، وجود محرك ليس متحركًا ضرورة ولا بد، وهو الباري تعالى محرك المتحركات لا إله إلا هو، وكل ذي حركة فهو ذو عرض محمول فيه فصح أنه تعالى ليس جسمًا ولا متحركًا وبالله التوفيق (٥).

إن رأي ابن حزم بأن من التوحيد ونفي التشبيه نفي الجسمية، والعرضية والزمانية، والمكانية، والحركة. نفيًا مطلقًا، ليس من التوحيد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. فما جاء به عليه الصلاة والسلام لم يكن يتضمن شيئًا من هذا النفي وإنما تضمن


(١) انظر الفصل جـ ٢ ص ١٢٥.
(٢) سورة الفرقان آية (٢).
(٣) سورة السجدة آية (٤).
(٤) انظر المحلى جـ ١ ص ٣٥.
(٥) انظر الفصل جـ ٢ ص ١١٩.

<<  <   >  >>