للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إثبات الإِلهية لله وحده بأن يشهد أن لا إله إلا الله، ولا يعبد إلا إياه ولا يتوكل إلا عليه ولا يوالى إلا له، ولا يعادى إلا فيه ولا يعمل إلا لأجله - وقد بينا هذا التوحيد بأدلته عند الكلام على الوحدانية (١).

وتوحيد الرسل يتضمن إثبات الرسل ما أثبته تعالى لنفسه من الأسماء والصفات، ونفي ما نفاه عن نفسه (٢).

والتوحيد بهذا المعنى الذي قال به ابن حزم - تجريد الذات - مأخوذ عن الفلاسفة فهم الذين يثبتون ذاتا منزهة عن الكثرة، ويرون في إثبات الصفات تكثيرًا لها فينفونها ويرجعونها إلى السلوب (٣).

وكان الأليق بابن حزم والذي يتمشى مع مذهبه - الأخذ بالظاهر وعدم وصف الله وتسميته إلا بما ورد - أن لا ينفي عنه تعالى ما لم ينفه عن نفسه، ولم ينفه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته، لأن التوحيد بهذا النفي لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة، ولو التزم مذهبه لما نفى عن الله تعالى ما لم ينفه عن نفسه.

والذي يذهب إليه سلف الأمة وأئمتها - في الجسمية، والعرضية والزمانية، والمكانية - عدم إطلاق هذه الألفاظ نفيًا وإثباتًا لأنه بدعة، لما في إثباتها، ونفيها من التلبيس والإيهام، بل لابد من الاستفسار، والاستفصال عند الإطلاق، فإن كان المعنى الراد


(١) انظر ١٦٦ - ١٦٩.
(٢) انظر درء تعارض العقل والنقل جـ ١ ص ٢٢٤، ٢٢٥. ونقض المنطق ص ١٢٤.
(٣) انظر آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ص ٣٢، ٣٣. والملل والنحل جـ ١ ص ٥٠. ودرء تعارض العقل جـ ١ ص ٢٨٤. ونقض المنطق ص ١٣٢. والفلسفة اليونانية ليوسف كرم ص ١٣١، ١٣٢.

<<  <   >  >>