للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لله تعالى صفات قديمة أصلًا، ولا ينفون الأسماء. بل يثبتونها لله تعالى، ويسمونه بها.

وإن كان ابن حزم لا يلتزم نفس استدلالهم على النفي. لكنه يتفق معهم في النتيجة، نفي الصفات عن الله تعالى، إذ نفيهم للصفات القديمة فرار من تعدد القدماء مع الله تعالى، لأن القدم أخص صفاته، وفي إثباتها معه مشاركة في الإِلهية - على زعمهم - (١) ونفى ابن حزم لذلك تمشيًا مع مذهبه الظاهري، وإبقاء على ظاهرية الأسماء التي وردت بالنص وجعلها ألفاظًا فارغة عن المعاني بمنزلة أصوات لا تفيد شيئًا، فلا تكون دليلًا على إثبات صفات له لعدم النص الظاهر على ذلك كما يدعى.

وقد استدل على النفي بقوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} (٢). والآية لا تدل على ما ذهب إليه والمقصود بالأسماء في الآية معبودات المشركين. فذكر تعالى في سياق الآيات، اللات، والعزى، ومناة.

فقيل: إن معنى قوله {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ} أي كونها إناثًا ومعبودات أسماء لا مسمى لها، فإنها ليست بإناث حقيقة، ولا معبودات.

وقيل: "أسماء" أي قلتم بعضها عزى ولا عزة لها، وقلتم، إنها آلهة وليست بآلهة (٣).


(١) انظر شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ١٢٨ - ٢١٣. ففي هذه الصفحات تعرض لنفي الصفات عامة، ثم عرضها صفة صفة. وأورد الاعتراضات وأجاب عنها بما يتمشى مع مذهبه. وانظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص ١١٤. والملل للشهرستاني جـ ١ ص ٤٤. ونهاية الإقدام له ص ٢٠١، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران الدمشقي ص ١٤، ١٥.
(٢) سورة النجم آية (٢٣).
(٣) انظر التفسير الكبير للرازي جـ ٢٨ ص ٢٩٩.

<<  <   >  >>