ذلك الدكتور طه الحاجرى إذ يقول: "ابن حزم هذا هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم - فحزم هذا، وهو كما نرى جد أبيه - وهو الذي إليه ينتسب وبه يعرف، فهو كما يبدو رأس هذه الأسرة ولكن نسبه المدون لا يقف عند هذا الرجل بل يمضى مطردا حتى ينتهي إلى رجل اسمه يزيد. قالوا إنه فارسي الجنس وإنه من موالي يزيد بن أبي سفيان أحد رجال الفتوح الشامية والمتوفي سنة ثمانية عشر للهجرة.
على أنه ينبغي ألا يخدعنا هذا النسب المتسلسل الذي يذكره ياقوت، والذهبي والمقرى ومن إليهم ممن تعرض لترجمة ابن حزم، وإن أسند بعضهم حكاية هذا النسب إلى ابن حزم نفسه. أو زعم أنه رآه بخطه فأمر الأنساب في المغرب - كما كان في المشرق - أمر تحيط به الريب وتكتنفه الشبه وصناعة الأنساب وتلفيقها وتنسيقها صناعة كانت رائجة في الأندلس رواجها في العراق .. إلى أن قال: وربما كان للرجل من قوة شخصيته وكمال خلقه واعتداده بنفسه، ما يجعله يتحرج عن مثل هذا الصنيع، فلا يعدم من تلاميذه وأتباعه المكبرين له والمعجبين به من يغار له، ويأنف عنه أن يكون في جملة الموالي فاذا به يرى له ما لا يراه لنفسه، ويعرف من أمره ما ينكره هو فيتبرع له بنسب يجعله عربيًا صليبة، بدلا من أن يكون عربيًا بالولاء ... إلى أن يقول - وإذن فمن الحق علينا ألا نطمئن بادىء ذي بدء إلى هذه السلسلة النسبية المنسوقة التي تلحق بابن حزم والتي يخرج بفضلها من الجنس الأسباني المغلوب ويدخل في عداد العنصر الإسلامي الغالب، ولعل أول ما يريبنا في هذا النسب هو هذا النسب نفسه. إذ ينتهي إلى يزيد ذلك المولى الفارسي، فمتى كان الموالى عامة ممن يعنون بحفظ أنسابهم والحرص على تخليدها؟ فلو أن هذا النسب