للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن تيمية: "ولهذا كان السلف والأئمة يسمون نفاة الصفات" معطلة. لأن حقيقة قولهم، تعطيل ذات الله تعالى، وإن كانوا هم لا يعلمون، أن قولهم مستلزم للتعطيل بل يصفونه بالوصفين المتناقضين فيقولون هو موجود قديم واجب ثم ينفون لوازم وجوده، فيكون حقيقة قولهم: موجود ليس بموجود حق ليس بحق، خالق ليس بخالق فينفون عنه النقيضين، إما تصريحًا بنفيهما، وإما إمساكًا عن الإخبار بواحد منهما" (١).

وإن كان القصد بنفي "الغير" في قوله "ليس غير الله" نفي الصفة الملازمة للذات فهذا غير صحيح فصفات الله لازمة لذاته، وليست غيرا بهذا الاعتبار لما بينا (٢).

فإن قال: أنا لا أقول، إن لله تعالى صفة مطلقًا لا قائمة به ولا منفصلة عنه (٣).

قلنا: إذن على هذا فقولك: "إن علم الله ليس غيره" أي ذاته، ونفيك "أنه لا يقال إنه الله" لا معنى له حيث خالفته حقيقة، وهذا عين مذهب أبي الهذيل العلاف (٤). الذي رددت عليه بأنه سمى الله


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية جـ ٥ ص ٣٢٦، ٣٢٧.
(٢) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية جـ ٦ ص ٩٧. ودرء نعارض العقل والنقل له جـ ١ ص ٢٨١، ٢٨٢. ومنهاج السُّنَّة له جـ ١ ص ٢٣٨، ٢٣٩.
(٣) انظر الفصل جـ ٢ ص ١٣٣.
(٤) هو محمد بن الهذيل بن عبد الله البصري مولى لعبد القيس. وهو شيخ المعتزلة ومقدم الطائفة، ومقرر الطريقة والمناظر عليها أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء وانفرد بعشر مسائل، مات سنة ٢٢٦، وقيل ٢٣٥. وكان مولده سنة ١٣٥. انظر الفرق بين الفرق ص ١٢١ - ١٣٠. والملل جـ ١ ص ٤٩ - ٥٣. وشذرات الذهب جـ ٢ ص ٨٥.

<<  <   >  >>