للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنقول: يدل على أن الله تبارك وتعالى حي فيما لم يزل ظهور الأفعال منه لاستحالة ظهورها ممن يجهلها ويعجز عنها فهو عالم قادر ويستحيل قيام العلم والقدرة بغير الحي (١).

ومعنى هذا الدليل أن من شرط من يتصف بالعلم والقدرة. أن يكون حيًّا إذ أن ما ليس بحي يمتنع أن يكون عالمًا، والعلم بهذا ضروري وهذه الشروط العقلية لا تختلف شاهدا ولا غائبًا فتقدير عالم بلا حياة ممتنع بصريح العقل (٢).

ونجيب من قال: إن الله تعالى "حي" ولم يقل بأن له حياة، أنا وجدنا اسم حي اشتق من حياة وكذلك سميع وبصير من سمع وبصر، ولا تخلو أسماء الله تعالى من أن تكون مشتقة لإفادة معناه، أو تكون على طريق التلقيب، ولا يجوز أن يسمى الله على طريق التلقيب باسم لا يفيد معناه، وليس مشتقا من صفة كقولنا: زيد، وعمرو. على مسمى بهما. وإذا كان قولنا عن الله عز وجل، حي، سميع، بصير. ليس تلقيبًا بل ذلك مشتق من حياة، وسمع، وبصر، فقد وجب إثبات الحياة، وإن كان ذلك لإفادة معناه فلا يختلف ما هو لإفادة معناه، ووجب إذا كان معنى الحي منا أن له حياة، أن يكون كل حي فهو ذو حياة ولا محذور هنا كما إذا كان قولي


(١) انظر المعتمد في أصول الدين لأبي يعلى ص ٤٧. والإنصاف للباقلاني ص ٣٥. ولمع الأدلة للجويني ص ٨٣. وشرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ١٦١. وشرح العقيدة الأصفهانية ص ٤، ٢٥ وشرح المواقف الموقف الخامس في الإلهيات ص ١٢٩. والدليل الصادق على وجود الخالق لعبد العزيز جاب الله (١: ١٢٦).
(٢) انظر مناهج الأدلة لابن رشد. ضمن فلسفة ابن رشد: ص ٧١. وشرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص ٢٦.

<<  <   >  >>