للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موجود مفيدًا فينا الإثبات كان الباري تعالى واجبًا إثباته لأنه سبحانه وتعالى موجود.

وهذا الدليل يدل على إثبات صفات الله تعالى لذاته من القدرة والعلم والسمع، والبصر (١).

وقول ابن حزم - إنه لو كان له حياة لكانت لم تزل "وهي غيره" فيكون مركبًا من ذاته وحياته فتحصل بذلك الكثرة - غير مسلم، إذ المثبتون لصفة الحياة لا ينكرون قدم هذه الصفة فهي قديمة بقديم، ولا يقولون إنها غيره، ولا إنها ليست غيره (٢) لما في لفظ الغير من الإجمال، فنفيه وإثباته يوهم معنى فاسدًا فيجب أن يستفصل عن المقصود بلفظ "الغير" فإذا كان القصد بقوله "إنها غيره" غيرًا منفصلًا عنه فهذا غير صحيح لأن صفات الباري تبارك وتعالى لازمة لذاته لا تنفك عنه وليست غيرًا بهذا الاعتبار. وإن كان القصد "بالغيرية" أن هناك ذاتًا وصفات يمكن الشعور بالذات دون الصفات، والعلم بها دونهن فليس هذا غيرا حقيقة، وإنما هو مباينة في الذهن لكونه قد يعلم هذا دون هذا، وهو لا ينفي التلازم في نفس الأمر (٣).

وقول ابن حزم "إن إثبات حياة لم تزل وهي غيره، يحصل بذلك الكثرة من ذات وحياة".

هذا القول هو بعينه مذهب المعتزلة الذين ينفون الصفات خوفًا من تعدد القدماء مع الله تعالى، لأن في إثباتها - كما يزعمون - مشاركة


(١) انظر الإبانة لأبي الحسن الأشعري ص ٤٠.
(٢) انظر مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٦: ٩٦).
(٣) انظر مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٦: ٢٠٥ - ٢٠٦).

<<  <   >  >>