للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمنه ما قد شيء فوجد، ومنه ما لم يشأ لكنه شيء في العلم بمعنى أنه قابل لأن يشاء فقوله: "على كل شيء قدير" يتناول ما كان شيئًا في الخارج والعلم، وما كان شيئًا في العلم فقط بخلاف ما لا يجوز أن تتناوله المشيئة وهو الحق تعالى وصفاته أو الممتنع لنفسه" (١).

وأما الممتنع لذاته كالجمع بين النقيضين، أي مثل كون الشيء الواحد موجودًا معدومًا في حال واحدة، فهذا لا حقيقة له ولا يمكن تحققه في الخارج ولا يتصوره الذهن ثابتًا فيه إلا على وجه التمثيل، بأن يقدر في الذهبن اجتماع النقيضين ثم يحكم على ذلك بأنه ممتنع في الخارج إذا كان يمتنع تحققه في الأعيان، وتصوره في الأذهان فهو إذا ليس بشيء، وما ليس بشيء فهو غير داخل تحت القدرة (٢).

إذ هي عبارة عن الصفة التي يتأتى بها الإِيجاد والإِعدام، والمصحح للمقدورية هو الإِمكان لأن الوجوب والإِمتناع الذاتيين يحيلان المقدورية (٣).

وإن قيل: وهل يدخل تحت قدرة الله تعالى ما لم يفعله ولا يفعله مما يصح أن تتعلق به القدرة؟

قلنا: نعم، إذ لو وصفناه تعالى بعدم القدرة عليه وهو مما تتعلق به القدرة؟ لأثبتنا له العجز، وهو عيب ونقص يتنزه الله عنه، ويجب علينا أن ننزه الله تعالى عما نزه عنه نفسه فنفاه عن نفسه كالظلم


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (٨: ٣٨٣) بتصرف.
(٢) انظر شرح المواقف ص ٩٨، ومجموع فتاوى ابن تيمية (٨: ٨، ٩) وشرح العقيدة الطحاوية ص ٧٥.
(٣) انظر الإقتصاد في الإعتقاد ص ٧٦، ٨٣، وشرح المواقف ص ٨٤، ٩٧، وغاية المرام للآمدي ص ٨٥.

<<  <   >  >>