للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلام قال لله تعالى: "وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد" (١). وهذه العزة غير العزة المذكورة في قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} (٢) لأن الأخيرة مربوبة فهي مخلوقة بلا شك، وكذا العزة في قوله تعالى: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} (٣). غير موجبة أنها لم تزل لأنها مثل قوله تعالى {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (٤). وهذا غير موجب أن الشفاعة غير مخلوقة.

وأما العزة التي أقسم بها جبريل عليه السلام فغير مخلوقة وليست غير الله تعالى ولا العز ولا الكبرياء إذ لوكان شيء من ذلك غيره لكان إما لم يزل، وإما محدثًا فلو كان لم يزل لكان مع الله تعالى أشياء غيره لم تزل وهذا شرك مجرد ولو كان محدثًا لكان تعالى بلا عز ولا كبرباء قبل أن يخلق كل ذلك وهذا كفر (٥).

إثبات ابن حزم للعزة لا يختلف عن باقي ما يثبت لله تعالى من العلم والقدرة والقوة - أي إثبات صوري لا حقيقة له.

ويقسم العزة إلى قسمين: مخلوقة وغير مخلوقة.

فالمخلوقة هي المذكورة في قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ


(١) انظر سُنن أبي داود (٤: ٢٣٦، ٢٣٧)، سُنن الترمذي (٤: ٣٩٣، ٣٩٤)، وقال حديث حسن صحيح. ومسند أحمد (٢: ٣٣٢، ٣٣٣، ٣٥٤، ٣٧٣)، سند الحديث "حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة. قال أحمد شاكر في تحقيق المسند (١٤: ٢٤٧، ٢٤٨، ٢٤٩)، هذا الإسناد صحيح.
(٢) سورة الصافات: آية (١٨٠).
(٣) سورة فاطر: آية (١٠).
(٤) سورة الزمر: آية (٤٤).
(٥) انظر المحلى لابن حزم (١: ٤٢)، الفصل له (٢: ١٧١).

<<  <   >  >>