للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَمَّا يَصِفُونَ} (١). فهي هنا مخلوقة لأنها مربوبة كما ذكر هذا ابن حزم والقول بأن هناك عزة مخلوقة قول صحيح لأن الله تبارك وتعالى جعلها مربوبة في هذه الآية. وأثبتها سبحانه لنفسه ولرسوله وللمؤمنين في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٢).

أي له العزة والغلبة.

يقول ابن حيان (٣) عند تفسير قوله تعالى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} "ختم الله تعالى هذه السورة بتنزيهه عما يصفه به المشركون وأضاف الرب إلى نبيه عليه السلام تشريفًا له بإضافته وخطابه، ثم إلى العزة وهي العزة المخلوقة الكائنة للأنبياء عليهم السلام والمؤمنين" (٤).

وإن حملت الإضافة في قوله تعالى {رَبِّ الْعِزَّةِ} على الاختصاص بها أي كأنه قيل "ذو العزة" أي أن الله تعالى هو المختص بها وحده كما يقال مثلًا فلان صاحب صدق لاختصاصه بذلك (٥). فلا يقال إن العزة هنا مخلوقة بل صفة لله تعالى.


(١) سورة الصافات: آية (١٨٠).
(٢) سورة المنافقون: آية (٨).
(٣) ابن حيان: هو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي الغرناطي الجياني. الشهير بابن حيان من كبار العلماء بالعربية والتفسير والحديث والتراجم واللغات له مصنفات كثيرة تنقل في بلاد الأندلس وفي غيرها وأقام بالقاهرة وبها توفي سنة (٧٤٥ هـ) بعد ما كف بصره وكان مولده سنة ٦٥٤ هـ. انظر الرد الوافر للإمام ابن ناصر الدمشقي ص (٦٢، ٦٣)، شذرات الذهب (٦: ١٤٥، ١٤٦)، والأعلام للزركلي (٧: ١٥٢).
(٤) النهر الماد من البحر لابن حيان هامش البحر المحيط (٧: ٣٧٨)، وانظر البحر المحيط له (٧: ٣٨٠).
(٥) انظر الكشاف للزمخشري (٣: ٣٥٧)، والبحر المحيط (٧: ٣٨٠).

<<  <   >  >>