للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلال ابن حزم على العزة غير المخلوقة وعلى العز والكبرياء بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "العز إزاره، والكبرياء رداؤه" وقول جبريل عليه السلام لله تعالى "وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد" دليل صحيح على إثبات العز والكبرياء والعزة لله تبارك وتعالى.

ويدل أيضًا على إثبات العزة لله قول إبليس لربه {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (١) حيث أقسم هنا بعزة الله تعالى (٢). ولو كانت مخلوقة لما صح أن يقسم بها جبريل عليه السلام، وإبليس لعنه الله.

لكن ابن حزم بعد أن أثبت لله تعالى عزة غير مخلوقة، وعزًا وكبرياء لم يقف على هذا الإثبات ملتزمًا لما يدل عليه ظاهر تلك النصوص بل أرجع ذلك إلى الله تعالى فقال: إن هذه العزة غير مخلوقة وليست غير الله تعالى ولا العز ولا الكبرياء (٣).

وهو بهذا المذهب موافق لأبي الهذيل العلاف موافقة تامة يقول أبو الحسن الأشعري: "وأما "أبو الهذيل" من المعتزلة فإنه أثبت العزة والعظمة والجلال والكبرياء وكذلك في سائر الصفات التي يوصف بها لنفسه، وقال: هي الباري كما قال في العلم والقدرة" (٤).

وفي هذا المذهب نفي للصفة عن الله تعالى وإثبات لذات مجردة عن الصفات، ووجود ذات في الخارج مجردة عن الصفات محال بل وجود الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها لا تنفصل عنها وإنما


(١) سورة ص: آية (٨٢).
(٢) انظر البحر المحيط لابن حيان (٧: ٤١٠).
(٣) انظر الفصل (٢: ١٧١)، المحلى (١: ٤١، ٤٢).
(٤) مقالات الإسلاميين للأشعري (١: ٢٥٦).

<<  <   >  >>