للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن أخا الأحقاف إذ يعذلونه ... يجاهد في ذات الإله ويعدل (١)

فإن قيل: إن المراد بقول النابغة إن روى قوله "محلتهم" بالحاء المهملة، المنزل المختص بالإله وهو بيت المقدس، وإن روى بالمعجمة فالمراد كتابهم المنزل من عند الله المختص به وهو الحكم والمواعظ الزاجرة عن الفواحش والمنكرات (٢).

والمراد بقول خبيب: إن ذلك في الخصلة المختصة بالله وهي طاعته.

وبقول حسان: إن أخا الأحقاف يدعو إلى عبادة الله تعالى.

قلنا: تأويلكم هذا لو جاز لنا الأخذ به بالنسبة لقول النابغة لم يجز بالنسبة لقول خبيب وحسان رضي الله عنهما فقولهما دليل على إثبات الذات من وجهين:

الوجه الأول: إن كان "لفظ ذات" فيهما حقيقة فالرسول صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها حين رويت له عن خبيب، كما لم يرو إنكاره على حسان رضي الله عنه قوله. وهو قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، فلا يحتمل الأمر غير الجواز.

الثاني: إن كانت فيما وردت فيه مجازًا، فلا يصح استعمالها فيه إلا إذا كان المعنى الأصلي ثابتًا حتى يمكن للذهن أن ينتقل من الملزوم


(١) ديوان حسان (١: ٢٠٣)، وانظر اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص ٦٦)، شرح الطحاوية (ص ٢٢٩)، فتح الباري لابن حجر (١٣: ٣٨٣).
(٢) انظر شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (ص ١٥/أ)، وانظر التعليق على البيت في ديوان النابغة (ص ٤١٩).

<<  <   >  >>