للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى آخر إلا إذا كان المعنى الأصلى للفظ ثابتا للموصوف حتى يمكن للذهن أن ينتقل من ذلك الملزوم إلى لازمه (١).

الثاني: ندفع اعتراضهم بمثله. فنقول: أسند التقرب في الآيات والبقاء إلى الوجه ويلزم منه إرادة الذات وبقائها (٢)، إذ قولهم إنه أطلق الوجه وأراد الذات.

الثالث: لايصح حمل الوجه في قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} على الذات، لأنه أضاف الوجه إليها بقوله "وجه ربك" فوجب أن يكون المضاف، والمضاف إليه شيئين كما يقال دار زيد، وغلام عمرو، ثم أضاف النعت إلى الوجه بقوله: {وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} فدل على أن ذكر الوجه ليس بصلة وأن قوله {ذُو الْجَلَالِ} صفة للوجه والوجه صفة للذات (٣).

فإن قيل: وهل كلما ورد ذلك الوجه منسوبا إلى الله تعالى فالمراد به هذا الوجه الحقيقي لله الذي هو صفة من صفاته؟

قلنا: لا يلزم هذا بل يأتى في كل مكان بحسبه مما صح وضعه له لغة وقد ورد الوجه مرادا به الجهة كما في قوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (٤). وقد استدل ابن حزم بهذه الآية على أن المراد فثم الله تعالى بعلمه وقبوله لمن توجه إليه وهذا تأويل يخالف مذهبه الظاهرى والآية ليست على ما أولها فيما نرى، إذ أن الوجه يرد في اللغة بمعنى الجهة (٥)


(١) انظر شرح العقيدة الواسطية للهراس (ص ٥٥).
(٢) انظر المرجع السابق نفس الصفحة.
(٣) انظر المعتمد في أصول الدين لأبي يعلي (ص ٥٢)، الاعتقاد للبيهقي (ص ٢٩)، مختصر الصواعق (٢: ٣٥١)، شرح الواسطية للهراس (ص ٥٥).
(٤) سورة البقرة: آية (١١٥).
(٥) انظر مختار الصحاح (ص ٧١١)، القاموس المحيط (٤: ٢٩٥).

<<  <   >  >>