للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالجلال والإكرام، وحكم له بالبقاء ونفى الهلاك عنه.

يقول ابن خزيمة: "فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق، والشام ومصر، مذهبنا أنا نثبت لله ما أثبته لنفسه نقر بذلك بألسنتنا ونصدق بذلك بقلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين، وعز ربنا عن أن نشبهه بالمخلوقين وجل ربنا عن مقالة المعطلين" (١).

وجاء ذكر وجه ربنا تبارك وتعالى في مواضع كثيرة من القرآن كقوله {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} (٢). وقوله: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} (٣). وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} (٤)، وقوله: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} (٥).

وهذه الآيات وغيرها مما جاء فيها ذكر الوجه له سبحانه دليل على ثبوت هذه الصفة له سبحانه.

فإن قال المخالف: إن الآيات التي استدللتم بها على ثبوت صفة الوجه لله تعالى لا تدل على ذلك، حيث إن المراد بالوجه المذكور فيها الذات إذ أن من يدعوه، ويتقرب إليه يريد ذاته ثم لا خصوص للوجه في البقاء وعدم الهلاك.

قلنا: الجواب على هذا الاعتراض من أوجه:

الأول: لو لم يكن لله تبارك وتعالى وجه حقيقة لما جاز استعماله في معنى الذات، لأن اللفظ الموضوع لمعنى لا يمكن أن يستعمل في


(١) كتاب التوحيد لابن خزيمة (ص ١٠، ١١).
(٢) سورة البقرة: آية (٢٧٢).
(٣) سورة الرعد: آية (٢٢).
(٤) سورة الروم: آية (٣٨).
(٥) سورة الروم: آية (٣٩).

<<  <   >  >>