للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا في السنة، فلا نثبته ولا ننفيه تمشيا مع النص. ولكن يجب علينا أن ننزه الله تعالى عن كل عيب، ونقص وآفة فإنه القدوس السلام الصمد السيد الكامل في كل نعت من نعوت الكمال، كما لا يدرك الخلق حقيقته. منزها عن كل نقص تنزيها لا يدرك الخلق كماله، وكل كمال ثبت لموجود من غير استلزام نقص فالخالق تعالى أحق به وأكمل فيه منه، وكل نقص تنزه عنه مخلوق، فالخالق أحق بالتنزه عنه وأولى ببراءته منه (١).

وننفى كون ما أثبتنا لله تعالى من اليدين بمعنى النعمة، لأنه لا يجوز في لسان العرب، ولا في عادة أهل الخطاب، أن يقول القائل عملت كذا بيدى ويعنى به النعمة، وإذا كان الله عز وجل، إنما خاطب العرب بلغتها، وما يجرى مفهومها في كلامها ومعقولا في خطابها، وكان لا يجوز في لسان أهل البيان أن يقول القائل فعلت بيدى. ويعنى النعمة بطل أن يكون قوله عز وجل: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} النعمة (٢).

ثم إن هذا القول من الله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} توبيخ له على امتناعه عن السجود لآدم الذي خلقه الله تعالى بيده، ولو كان معنى اليد هنا النعمة لكان لا فضيلة لآدم عليه السلام على إبليس في ذلك ولم يكن لهذا التوبيخ معنى تعالى الله أن يكون كلامه بلا معنى.


(١) انظر رسالة الإرادة والأمر لابن تيمية ضمن المجموعة الكبرى (١: ٣٨٢) وموافقة صحيح المنقول له (٢: ١١٩)، رسالة التوحيد لمحمد عبده (ص ٣٣، ٣٤)، شرح الواسطية للهراس (ص ٢٣، ٢٤)، الأسئلة والأجوبة الأصولية لابن سلمان (ص ٥٣).
(٢) انظر العقيدة الحموية لابن تيمية ضمن الرسائل الكبرى (١: ٤٦١).

<<  <   >  >>